خافية ، بل السّرائر ظاهرة عند ذوي البصائر من عباده ففي الحديث عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «اتقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله».
والآية الشريفة تدل على اهتمام المنفقين بالبذل والعطاء ليشمل جميع الأوقات والأحوال ليستوفوا عظيم الأجر والثواب وتوغلهم في كسب مرضاة الله تعالى ونصب أنفسهم في إرادة وجهه عزوجل وتزكية نفوسهم ، وهم القليلون بين أفراد الناس ، ولذا وردت روايات كثيرة بل متواترة بين المسلمين أنّها نزلت في عليّ (عليهالسلام) وسيأتي في البحث الروائي نقل جملة منها.
قوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
وعد حسن من الباري عزوجل بأجر عظيم لهم وكرّمهم بإضافتهم إلى نفسه ، والآية الشريفة تشعر بالرأفة والتلطف معهم.
والأجر والاجرة : ثواب العمل دنيويا كان أو أخرويا قال تعالى : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) [العنكبوت ـ ٢٧] ، وقال تعالى : (لَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) [يوسف ـ ٥٧] ، وهذه المادة كثيرة الاستعمال في القرآن الكريم ، ولا تقال الا في النفع دون الضّرر بخلاف الجزاء فإنّه يستعمل فيهما معا قال تعالى : (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) [الدّهر ـ ١٢] ، وقال تعالى : (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ) [الكهف ـ ١٠٦].
وجملة (عِنْدَ رَبِّهِمْ) جملة تشريفية وهي تدل على عدم تناهي الأجر من جميع الجهات الفاضلة كما يأتي.
قوله تعالى : (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
أي : لا خوف عليهم ممّا هو الواقع ولا هم يحزنون من المتوقع ونفي جنس الخوف والحزن يشمل جميع الأحوال والأزمان من الدنيا والبرزخ والنشر والحشر إلى عالم الخلود في الجنة الذي هو عالم الكمال ونشأته وظهور الحق بالحق.