وحينئذ يبقى المعروف دائميّا ومستمرّا ولا يضمحل أبدا ، كما هو ذيل الحديث.
ثم إنّ الروايات في تدارك النّعم والهدايا بمثلها أو بأحسن منها كثيرة ، والظاهر موافقة ذلك للفطرة ، لأنّ المنع من المنعم عليه يوجب سلب النعمة بين الناس وإدبارها وإنّ التدارك يوجب الترغيب في استمرار النعمة والهدية فإنّ الناس أبناء ما يحسنون.
وفي الدر المنثور أخرج ابن المنذر والحاكم في صحيحه : «أنّ رسول الله (صلىاللهعليهوآله) سأل البراء بن عازب فقال : يا براء كيف نفقتك على أمك؟ ـ وكان موسعا على أهله ـ فقال يا رسول الله ما أحسنها؟! قال : فإنّ نفقتك على أهلك وولدك وخادمك صدقة فلا تتبع ذلك منّا ولا أذى».
أقول : يشهد لذلك جملة أخرى من الروايات ومنها يستفاد أنّ المنّ والأذى في الإنفاقات الواجبة يوجب زوال ثوابها بل قد يوجب بطلانها رأسا.
وفي تفسير المجمع عن الصادق (عليهالسلام) عن النبيّ (صلىاللهعليهوآله) : «من أسدى إلى مؤمن معروفا ثم آذاه بالكلام أو منّ عليه فقد أبطل الله صدقته».
أقول : تقدم ما يدل على ذلك.
وفي الدر المنثور في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) أخرج ابن جرير عن عليّ بن أبي طالب (عليهالسلام) أنّه قال : «من الذهب والفضة ، ومما أخرجنا لكم من الأرض قال : يعني من الحب والتمر وكلّ شيء عليه زكاة».
أقول : يستفاد من هذه الرواية وجه التعميم للنفقات الواجبة والمندوبة أما الأولى فمثل الزكاة المتعلّقة بما هو واجب ، وأما الثانية فما تعلّق بما هو مندوب كما فصّل في الفقه.
في الكافي عن أبي بصير عن الصادق (عليهالسلام) في قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ