يحكم بعدله فيه.
إن قيل : لا وجه لمشية العذاب قبل قيام الحجة.
يقال : الناس قبل قيام الحجة الظاهرية عليهم بإبلاغ الأحكام على قسمين :
الأول : القاصر غير الملتفت مطلقا حتّى بالنسبة إلى احتمال الضرر الاخروي.
الثاني : من احتمل الضرر الاخروي وهذا الاحتمال منجز في حكم العقل وله منشئية استحقاق العقاب بعد تمامية الحجة الظاهرية مع أنّ الربا مما يوجب اختلال النظام فيصير من القبائح العقلية.
قوله تعالى : (وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
أي : ومن عاد إلى تعاطي الربا بعد تمام الحجة عليه مستحلّا له يكون من الكافرين بما أنزله الله تعالى وهم من أصحاب النار هم فيها خالدون مع عدم التوبة الماحقة للذنب.
ويستفاد ما ذكرناه من المقابلة بين العود وبين الانتهاء الوارد في الجملة السابقة الذي هو بمعنى التسليم والبناء على عدم المخالفة فإنّها تدل على أنّ العود هو الرجوع إلى الذنب الذي لا ينتهي عنه بعد تمامية الحجة عليه ، فيكون مصرّا عليه وهو في الواقع مستحل له وإن لم يظهره في كلامه الا إذا محقه بالتوبة هذا إذا كان المراد من العود ما ذكرناه.
وأما إذا كان المراد به مطلق الإتيان ثانيا مع عدم الاستحلال فيكون المراد بالخلود غير التأبيد بل بمعنى الركون كما في حديث عليّ (عليهالسلام) يذم الدنيا : «لمن دان لها وآثرها وأخلد إليها» أي : ركن إليها.
٢٧٦ ـ قوله تعالى : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ).
مادة (محق) تأتي بمعنى نقصان الشيء حالا بعد حال حتّى يفنى ومحاق الشهر نقصانه ، وهو مدة ثلاث ليال من آخر الشهر لخفاء نور القمر ونقصانه