عليه التوبة. وأما إذا لم يكن الحكم مشروعا فلا موضوع للمخالفة والعصيان ولا مورد للتوبة لفرض عدم الحكم وانطباق مفادها على الربا يكون من انطباق الكلّي على المصاديق.
والموعظة والوعظ : الخبر المقرون بالتخويف ، وعن الخليل : التذكير بما يرقّ له القلب. والمراد به هنا : بلوغ الحكم الذي شرّعه الله تعالى.
والانتهاء : الانزجار وترك الفعل المنهيّ عنه ، قال تعالى : (فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) [البقرة ـ ١٩٣].
والسلف : المتقدم ، وله ما سلف ، أوله ما قد سلف. أي : يعفى عمّا صدر عنه سابقا فلا شيء عليه.
والمعنى : فمن بلغه نهي وزجر عن الله تعالى في الربا وانزجر وترك الربا فله ما ارتكب منه في زمن الجاهلية فلا عقاب عليه في الدنيا والآخرة ولا ضمان ، كما ذكرنا في باب الربا من كتابنا (مهذب الأحكام).
وإطلاق قوله تعالى : (فَلَهُ ما سَلَفَ) يشمل زمان تشريع الحكم وبعده فيعم كلّ جاهل بالحرمة ثم حصل له العلم بها ولو بعد نشر الإسلام وظهوره.
ولكن الظاهر المنساق منه هو التوبة وسقوط العذاب عنه وأما حلية ما أخذه فيما سلف وجواز التصرف فيه بعد التوبة فلا يمكن استفادته من الآية الشريفة الا باستعانة السنة كما تعرضنا لبعضها في باب الربا ، فالمعنى المستفاد من الآية المباركة سقوط أصل المعصية ومنها الربا وأما التخلص من التبعات كالقضاء والضمان وغيرهما فيحتاج إلى دليل خاص وسيأتي في البحث الفقهي تتمة الكلام.
قوله تعالى : (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ).
أي : أنّ شأنه بالنسبة إلى التوبة والعذاب الاخروي والضمان في الدنيا موكول إلى مشية الله تعالى فإن شاء قبل منه التوبة وإن شاء لم يقبلها وإن شاء وضع عليه بعض الأحكام وإن شاء عفا عنه فهو العالم بالحقائق وصدق النيات