فربما يكون سفير الملك أهيب عند بعض القاصرين من الملك نفسه.
قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ).
أي : وإن تبتم عن أخذ الربا ورجعتم عن الإصرار على فعله ، فلكم رؤوس الأموال التي دفعتموها إلى الغرماء كاملة بلا زيادة عليها ولا نقيصة فلا تظلمون بأخذ الزيادة ولا تظلمون بالنقص من رؤوس الأموال ، وهذا هو قانون العدل والإنصاف ، فلا يبقى موضوع للحرب والاعتساف ، وفي الآية المباركة التأكيد على ترك الربا الذي لم يقبض.
ويستفاد من الآية الشريفة : ثبوت المطالبة لصاحب الدّين على الغريم وأنّ الأخير لا يجوز له تأخير الدّين وإن امتنع كان ظالما.
٢٨٠ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ).
العسر خلاف اليسر ، وهما من الأمور الإضافية المختلفة باختلاف الأفراد والجهات والخصوصيات.
والنّظرة : التأخير والإمهال والآية تدل على الوجوب.
والميسرة : مصدر بمعنى اليسر. أي : وإن كان الغريم ذا عسرة ولم يجد ما يفي به دينه فيؤخر من له الحق مطالبة حقه ويمهل الغريم إلى زمان اليسار ليتمكن من أداء الدّين ولا إثم على الغريم في التأخير مع تحقق العسر.
والآية الشريفة لا تحدّد العسر واليسار ، ولكن السنة الشريفة فسّرت العسرة بما إذا لم يجد ما يوفي به دينه غير ما استثني له في الشريعة كالخادم والبيت والدابة ونحوهما مما هو مفصّل في كتب الفقه.
كما فسرت الميسرة فيها بما : إذا وجد ما يوفي دينه ، ومنه وصول خبره إلى الإمام فيفي عنه من سهم الغارمين. كما فصّلناه في كتابنا (مهذب الأحكام).
ومن سياق الآية الشريفة يستفاد : أنّه كانت عادة جاهلية في إعسار