مسرورا حتّى وصل إلى رحمة ربه وصار فيها مغمورا ، ومضمونها عام.
ولعل تذييل آيات الرّبا بها لأجل إعداد النفوس لتقوى الله ، وتحريضها على الورع عن محارمه ، والانتهاء عن انتهاك حرماته والتحرّج عن التعرض إلى حقوق الناس.
ولا بد أن تفعل هذه الآية بالامة نظير ما فعلت بالرسول الكريم ، بل بالأولى لأنّه (صلىاللهعليهوآله) عصم عن الخطإ والعصيان وهم مبتلون بهما.
ومادة (رجع) تأتي بمعنى العود إلى ما كان منه ، وهي متضمنة لقوله. (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) [البقرة ـ ١٥٦] ، كما في قوله تعالى : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) [هود ـ ٤]. والرجوع هنا هو المعاد.
أي : اتقوا ذلك اليوم وأهواله الذي ترجعون فيه إلى الله ، وفيه تمثيل الغائب المفقود بمثل الحاضر المشهود. يعني : لا بد أن يكون ذلك اليوم حاضرا في البال وظاهرا في الحال فلا يشغل الإنسان شيء من الشواغل الدنيوية حتّى يصير ذلك من الملكات الراسخة في النفس فيسعد كلّ شخص بأعماله وينتظم النظام.
قوله تعالى : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ).
الوفاء والتوفية والإيفاء : بمعنى الإتمام ، وتوفية الأعمال باعتبار توفية الجزاء.
والكسب : العمل ، وهو عام يشمل ما ورد فيه ثواب وجزاء خاص في الشرع أولا ، لأنّ ما يصدر عن العبد إما أن يكون له ثواب أو فيه عقاب أو لا شيء فيه ، وفي الأول سروره ، وفي الثاني مساءته ، وفي الأخير حسرته.
والمعنى : ثم تجازى كلّ نفس ما عملت من خير أو شر جزاء وافيا ويصح أن يكون (ثم) لمطلق الترتب ، كما في ترتب النتيجة على المقدمات ، لأنّ يوم الرجوع إلى الله يوم أخذ نتائج مقدمات حصلت في الدنيا ، وهي