إلا بيان الحق.
والأمر للإرشاد كما ذكرنا وهو أعم من أن يكون الكاتب أحد المتعاملين أو غيرهما.
وإنّما ذكر سبحانه (بَيْنَكُمْ) لأنّ الغالب أنّ الكاتب من غير المتعاملين لندرة الكتابة في عصر النزول.
وإنّما قدم صفة العدالة على غيرها لأنّ بالعدل تقوم السّماوات والأرض ولأنّ غيرها مع فقدها لا ثمرة فيه.
قوله تعالى : (وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ).
هذا هو الأمر الثاني أي : العلم بالأحكام وشؤون المعاملة ، وما يعتبر فيها لتخلو الكتابة عن الوهم والتقصير ، لأنّها حجة معتبرة ، وهي سند بينهما لحفظ حقوقهما.
وما علّمه الله أعم من أن يكون بواسطة أنبيائه ، ورسله ، أو ما أرشد العقل إليه ، والنّهي فيها للتنزيه والكراهة.
ويستفاد من الآية الشريفة : التشديد في تثبيت الدّين وأنّ صنعة الكتابة من الواجبات الكفائية التي يتقوّم نظام العالم بها.
وقوله تعالى : (وَلا يَأْبَ كاتِبٌ) يدل على النّهي عن رد الدّعوة إلى أمر من الأمور التي تكون فيها مصلحة النوع ، واستحباب تلبيتها.
قوله تعالى : (فَلْيَكْتُبْ).
أي : فليكتب للناس شكرا لما أنعم الله تعالى عليه ، ومراعاة لحقوق الناس ، أو هو تأكيد في تثبيت الدّين ، وسياق الجملة يفيد أنّ الأمر للندب لا الوجوب.
قوله تعالى : (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ).
والإملاء يأتي بمعنى الإظهار والبيان على المستفيد ، والإملال : الكتابة ،