وجوارحهم يكون؟؟؟ حسابه ، وهذا شأن جعل القانون لمن أحاط بجميع جهات قانونه واستولى عليها استيلاء تاما ، ولكن لا بد من الموازنة بين الاستيلاء على الخفايا والتعذيب عليها بحسب القوانين العقلية.
والمراد من قوله تعالى : (ما فِي أَنْفُسِكُمْ) تلك الأمور الكائنة في النفس التي تصدر الأعمال عنها وتكون أساسا لها فتشمل الملكات والأحوال والصّفات التي لها قرار في النفس ـ كالحب والبغض والحسد والحقد ونحو ذلك ـ فإنّها هي التي تكون قابلة للإظهار في الحركات الخارجية ، فيكون ما في النفوس على أقسام :
الأول : مجرد الخطور والفكرة من غير عزم ثابت عليه وإيجاد مقدمة من مقدماته والمستفاد من مجموع الأدلة السمعية أنّ مثل هذه الأمور إن كانت من الخيرات والحسنات يثاب عليها ويشتد ثوابها بحسب أهمية الفعل.
والغرض من ذلك هو تحريض الناس على إضمار الخيرات والحسنات والابتعاد عن السيئات والآثام ولا عقاب على المضمر إن كان من السيئات ما لم يبرز في عمل خارجي.
الثاني : الخطور مع العزم عليه.
الثالث : ما إذا حصل بعض المقدمات على المضمر. ويظهر حكم هذين القسمين من القسم الأول بالفحوى.
الرابع : ما إذا حصل العمل الخارجي فيترتب عليه الثواب وينبسط على جميع المقدمات حتّى الخطرات القلبية ، ولا بأس بأن يجتمع في شيء واحد ثوابات كثيرة من جهات متعددة فإنّ الله ذو الفضل العظيم هذا إذا كان المضمر من الخيرات والحسنات والفضائل.
وأما إذا كان من غيرها فقد ذكرنا أنّه لا عقاب ما لم يظهر في عمل خارجي إلا إذا كان الشخص من المقرّبين وأولياء الله تعالى المتفانين في حبه فإنّ خطرات قلوبهم مما يحاسب عليه وفي المأثور : «حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين».