إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ...) الآية. فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى ، فأنزل : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ... إلى آخرها.
أقول : رواه جمع غفير عن أبي هريرة ، وروي أيضا قريب منه عن ابن عباس. كما روي النسخ أيضا عن ابن مسعود وعائشة.
وروي أيضا عن ابن عباس أنّها نزلت في الشهادة وإقامتها وكتمانها. فتكون الآية غير منسوخة.
وروي عن ابن عباس وعائشة : أنّ المراد بالآية تلك الأعمال التي لم يطلع عليها الحفظة.
وروي عن الربيع بن أنس : أنّ المراد بالمحاسبة ما يخبر الله العبد به يوم القيامة بأعماله التي عملها في الدنيا.
وروي عن عائشة : أنّ المراد بالمحاسبة ما يصيب الرجل من الغم والحزن إذا هم بالمعصية ولم يفعلها.
وروي عن ابن عباس أيضا في قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ). فذلك سرائرك وعلانيتك يحاسبكم به الله فإنّها لم تنسخ ، ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول : إنّي أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي ، فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم ، وهو قوله تعالى : (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) يقول : يخبركم. وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب ، وهو قوله : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ).
وروي عن ابن عباس تفسيرها بوسوسة النفس ، أو حديث النفس وبناء على جميع هذه الروايات تكون الآية محكمة وغير منسوخة.
أقول : الروايات في النسخ وعدمه متعارضة ، مع أنّ رواية النسخ قاصرة السند وعلى فرض اعتبارها معارضة بالمثل ، ومخالفة لظاهر الكتاب ، وفي مثل ذلك لا بد أن يرجع إلى أصالة عدم النسخ عقلا وشرعا كما هو ثابت في