والمعنى : لا توقعوا عقد النكاح بالإرادة الجدية بحيث يترتب عليه الأثر حتى تنقضي مدّة العدة ، فمن أوجد العقد عليها في العدة مع العلم بها يكون العقد باطلا وتحرم عليه المرأة أبدا كما فصل في السنة المقدسة.
قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ).
ربط بين ما شرعه سبحانه وتعالى والخشية منه لأنّه العالم بالسرائر وتأكيد بليغ لسوق الناس إلى إتيان أوامره جلّت عظمته والتحذير عن مخالفته.
وإنّما ذكر تعالى : (وَاعْلَمُوا) لأنّه آكد في الترغيب والتحذير ويستفاد من قوله تعالى : (يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ) إحاطته الفعلية بضمائر القلوب وسرائرها ، ولبيان أنّ مخالفته تعالى فيما ذكر في الآية الشريفة وارتكابه من المهلكات ، ولكن باب التوبة في جميع الخطايا مفتوح ولذا عقبه ب :
قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
ترغيب في التوبة والرجوع إليه تعالى وأنّه لا يعجّل بالعقوبة.
و «حليم» من أسماء الله الحسنى وجميع أسمائه المقدّسة حسنى والتوصيف إضافي لا أن يكون حقيقيا.
وهو بمعنى عدم العجلة في عقوبة العصاة. كما أنّ «صابر» من أسمائه الحسنى يرجع إليه أيضا ، وقد علّل ذلك في بعض الآثار «وإنّما يعجل من يخاف الفوت ، وإنّما يحتاج إلى الظلم الضعيف وقد تعاليت عن ذلك علوّا كبيرا». وهذا مطابق للأدلة العقلية فإنّ قهاريته على جميع ما سواه ، وحكمته المتعالية على الإطلاق كيف يعقل فيهما العجلة ، فيصح أن يجعل الحليم من شؤون حكمته تعالى فيرجع معناه إلى الحكيم بتوسعة في معناه في الجملة ، فيكون الإمهال وترك التعجيل على الأخذ بالمعاصي من شؤون العلم والحكمة علما إحاطيا مطلقا بما مضى وما يأتي ، وحكمته بالغة يراعى فيها كليات الأمور وجزئياتها.
ثم إنّ الغفور من الأسماء الحسنى الذي لم يرد في القرآن الكريم إلا مقرونا باسم آخر كالرّحيم والحليم ونحو ذلك ، كما مرّ في آية (٢٢٦) ما يرتبط بالمقام.