النطفة وتربيتها ، كما أنّ الأرض منشأ نمو البذرة وتربيتها وتسمّى القرابة رحما لانتهائهم إلى رحم واحد.
وما خلقه الله في الرّحم أعم من الدم والحمل وإن كان الأصل هو الدم لأنّه أهم مادة في تكوين الجنين ، ويمكن اعتبار الأول كمادة والثاني كصورة متبادلة استعدادية للأول ، فلا فرق بين أخذ الموصول بمعنى الدم بما له من الأطوار ، أو بمعنى الحمل بما له من المنشأ فالجميع واحد ، وهذا مروي كما يأتي ، فلا وجه لاختلاف المفسرين في ذلك.
والمعنى : لا يحل للنساء أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهنّ من الحيض أو الحمل استعجالا للخروج من العدة وإضرارا بالزوج في رجوعه أو تطويلها لأجل أخذ النفقة ونحو ذلك.
وفي تقييد ما في الأرحام بكونه مما خلقه الله للإعلام بأنّه عالم به وقادر على أن يفعل خلاف إرادتهنّ.
قوله تعالى : (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).
أي : إن كنّ مؤمنات بالله الذي ينزل الأحكام لمصالح العباد ويفعل مقتضى الحكمة ، واليوم الآخر الذي يجازى فيه كلّ عامل ، فلا يكتمن ما خلق الله في أرحامهنّ.
وفي التقييد بالإيمان بالله واليوم الآخر حث وترغيب إلى مطاوعة الحكم ، ولبيان أنّها من لوازم الإيمان بهما ، فالكتمان ليس من فعل أهل الإيمان ، وفيه من التوعيد الشديد والتهديد ما لا يخفى.
قوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً).
البعولة جمع البعل مثل الفحولة والفحل : وهو الذكر من الزوجين سمي به لاستعلائه على المرأة ، ولأجل ذلك استعمل هذا اللفظ في كلّ ما فيه هذا المعنى فسمي الصنم بعلا قال تعالى : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) [الصّافات ـ ١٢٥] أي ربا.