يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ، ولا يواظب عليها إلا صدّيق أو عابد ، ومن قرأها إذا أخذ مضجعه ، آمنه الله على نفسه وجاره ، وجار جاره ، والأبيات حوله».
الحرية الدينية في الإسلام
من المعلوم أن انتشار الإسلام كان بالإقناع والبرهان ، وبالحجة والبيان ، لا بالقهر والإكراه والإجبار ، فلم يثبت في تاريخ الإسلام أن أحدا من الناس أكره أحدا على دين الإسلام ، وإنما كان الناس يدخلون في دين الله أفواجا بحرية وقناعة ، وطواعية واختيار.
قال مسروق : كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان فتنصرا قبل أن يبعث النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الطعام ، فأتاهما أبوهما فلزمهما ، وقال : والله لا أدعكما حتى تسلما ، فأبيا أن يسلما ، فاختصموا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا رسول الله ، أيدخل بعضي النار ، وأنا أنظر؟ فأنزل الله عزوجل : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) [البقرة : ٢ / ٢٥٦].
أي إن الإكراه في الدين ممنوع ، ولا جبر ولا إلجاء ، على الدخول في الدين ، ولا يصح الإلجاء والقهر بعد أن بانت الأدلة والآيات الواضحة الدالة على صدق محمد صلىاللهعليهوسلم فيما يبلّغه عن ربه ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. فقول العوام وأمثالهم من المستشرقين : «إن الإسلام قام بالسيف» دعوى باطلة غير صحيحة ولا ثابتة. أما حروب المسلمين فكانت دفاعية حتى يكف المشركون عن فتنة المسلمين ، ويتركوا
__________________
(١) الهدى والإيمان.
(٢) الضلال والكفر.
(٣) أي الأصنام ، وكل ما عبد من دون الله راضيا بذلك فهو طاغوت مثل فرعون ونمرود ونحوهما.
(٤) بالعقيدة المحكمة.
(٥) لا انقطاع لها ولا زوال.