وروى أحمد وغيره عن عبد الله بن عمرو : أن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقطعت يدها اليمنى ، فقالت : هل لي من توبة يا رسول الله؟ فأنزل الله في سورة المائدة : (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
والمعنى : فيما فرض عليكم أو يتلى عليكم حكم السارق والسارقة ، فمن سرق من ذكر أو أنثى ، فاقطعوا يا ولاة الأمور أيديهما أي من الرّسغ كما أوضحت السّنة النّبوية ، جزاء لهما على سرقتهما وما كسبت أيديهما ، ولانتهاك حرمة مال الآخرين ، لأن السرقة قد تجرّ إلى الدفاع عن المال وإلى القتل ، وتنكيلا وإهانة وتحقيرا لهما من الله ؛ لأن فعلهما خسيس ودنيء يستوجب الإذلال ، والزجر عن العودة للسرقة ، وإيقاع عبرة لغيرهما ، والله قوي غالب في تنفيذ أوامره ، حكيم في تدبيره وصنعه وتشريعه ، لا يشرع إلا ما فيه الحكمة والمصلحة ، واختيار الأنسب للجريمة.
أما من تاب من بعد ظلمه بالسرقة ، وأناب إلى الله ، ورجع عن السرقة ، وردّ أموال الناس إليهم ، وأصلح نفسه وزكّاها بعمل البر والتقوى ، فإن الله يقبل توبته ، فلا يعذّبه في الآخرة ، وإن الله غفور لذنوب عباده التائبين ، رحيم بهم إذا صلحوا.
ألم تعلم أيها الرسول وكل مؤمن أن الله هو المالك لجميع السماوات والأرض ومن فيهما ، يتصرف في ذلك بالعدل والحكمة والعلم الواسع والفضل العظيم ، ومن فضله ورحمته أنه يقبل التوبة عن عباده ، ويرحم التائبين ، ومن حكمته وعدله أنه وضع حدّا للسرقة لزجر اللصوص وردعهم ، توفيرا للأمن والاستقرار ، وتحقيقا لمصالح العباد ، والله هو القادر على كل شيء من التعذيب والرحمة.
ومن خلال التجربة والتطبيق تبين أن الحدود الشرعية هي المحققة لمصلحة الناس العامة والخاصة ، فلا مانع من الجريمة أحكم وأعدل وأصلح من حدود الله المقررة في القرآن المجيد.