عدم مانعه ، لاقتضى توقّفَ عدمِ الضدّ على وجود الشيء ، توقّفَ عدم الشيء على مانعه ، بداهة ثبوت المانعية في الطرفين وكون المطاردة من الجانبين ، وهو دور واضح. (١)
وربما يردّ الدور ـ بما في الكفاية ـ من أنّ توقف وجود أحد الضدين على عدم الآخر فعلي ، ولكن توقّف عدم الآخر على وجود واحد من الضدّين شأني ، مثلاً : انّ وجود السواد في محل متوقف فعلاً على عدم تحقّق البياض فيه ، وأمّا توقّف عدم الضدّ ( البياض ) على وجود الآخر فهو شأني لا فعلي فلا دور.
أمّا كون التوقّف في جانب الوجود فعلي ، فلوضوح انّ توقّف وجود المعلول على جميع أجزاء علته ومنها عدم المانع فعلي ، لأنّ للجميع دخلاً فعلاً في تحقّقه ووجوده في الخارج ، وأمّا عدم الضدّ فلا يتوقّف على وجود الضدّ الآخر ، لأنّ عدمه يستند إلى عدم المقتضي له لا إلى وجود المانع في ظرف تحقّق المقتضي مع بقية الشرائط ليكون توقّفه عليه فعليّاً.
وقد أجاب عن الإشكال المحقّق الخراساني (٢) بأنّ الدور وإن ارتفع فعلاً لكن لم يرتفع شأناً ، لأنّ عدم الضدّ وإن كان موقوفاً عليه بالفعل ، لوجود الضدّ
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٢٠٧.
٢. لا يخفى انّ عبارة الكفاية في هذا المقام لا تخلو من إغلاق وغموض ، وذلك لأجل أمرين :
الأوّل : انّه فصل بين المبتدأ أعني قوله : « وما قيل في التفصي » والخبر أعني قوله : « غير سديد » بفاصل طويل يبلغ مقدار صفحة ، ومثل هذا يخل بالبلاغة.
الثاني : انّه أقحم بين الإشكال على الدور والإجابة عنه سؤالاً وجواباً تحت عنوان « إن قلت ، قلت » ، وزاد هذا تعقيداً على تعقيد.
وذكر شيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظلّه ـ انّ السؤال قد طرحه تلميذه الشيخ عبد اللّه الكلبايكاني في درسه الشريف ، وأجاب عنه بما في الكفاية ، فمدّ اللّه عمر شيخنا الأُستاذ فقد أوضح ما في الكفاية بما لا مزيد عليه كما ترى.