الحقيقة هنا طلبان ، يتعلّق أحدهما بالفعل والآخر بالترك فيكون من قبيل المستحبين المتزاحمين فيحكم بالتخيير بينهما لولا الأهمية ، وإلا فيقدم الأهم وإن كان المهم أيضاً يقع صحيحاً لرجحانه وموافقته للغرض ، وأرجحية الترك لا توجب منقصة في الفعل بل الفعل يكون ذا مصلحة خالصة وإن كان الترك لأجل انطباق عنوان عليه مثله.
الثاني : نفس ذلك الجواب غير أنّ العنوان الراجح ليس منطبقاً على الترك ، بل ملازماً معه كملازمة ترك الصوم مع التمكّن من إقامة العزاء على الحسين عليهالسلام.
فإذا فرض أنّ الترك ملازم لعنوان وجودي ذي مصلحة أقوى من مصلحة الفعل لا محالة يكون الترك أرجح منه ، ولا فرق بين العنوان المنطبق والملازم إلا أنّ الطلب في الأوّل يتعلّق بالترك حقيقة ، لاتّحاد العنوان مع الترك ، بخلاف الثاني فانّ الطلب يتعلّق بالعنوان الراجح الملازم حقيقة ، وبالترك بالعرض والمجاز ، إذ الملازم خارج عن حقيقة الترك ، فلا يتجاوز الطلب عن العنوان إلى الملازم.
الثالث : حمل النهي على الإرشاد إلى أنّ الترك أرجح من الفعل أو ملازم لما هو أرجح وأكثر ثواباً ، فيكون النهي متعلّقاً بالصوم حقيقة ، لا بالعرض والمجاز ـ كما في الوجه الثاني ، والكراهة في المقام ليس بمعنى المنقصة في الفعل ، بل بمعنى كونه أقلّ ثواباً.
ففي الكراهة اصطلاحان ، أحدهما وجود المنقصة ، والثاني كون العبادة ، أقلّ ثواباً ، وهذا هو المراد من قولهم : عبادة مكروهة.
هذا إيضاح ما في الكفاية.
يلاحظ على الجواب الأوّل : أوّلاً بأنّه إذا كان الفعل والترك متساويين في المصلحة فيصبح الفعل مباحاً لا انّه يكون كلّ منهما مستحبّاً ، ويشهد على ذلك