انّه لم يقل أحد من الفقهاء بأنّ النوافل المبتدئة في أوقات خاصّة مستحبّة فعلاً وتركاً ، أو الإفطار في يوم عاشوراء مستحب فعلاً وتركاً.
وثانياً : انّ تأويل قوله : « لا تصم يوم عاشوراء » ، الذي هو بمعنى الزجر عن الفعل ، إلى طلب الترك ، بحيث يصبح الترك كالفعل ، أمراً مستحبّاً ، أمر غير صحيح ، فأين الزجر عن الفعل الذي هو مفاد النهي من طلب الترك المقصود منه استحباب الترك.
ويلاحظ على الجواب الثاني : بأنّ إرجاع لا تصم يوم عاشوراء إلى طلب الترك وجعل الثاني كناية عن الدعوة إلى إقامة العزاء للحسين ، تأويل في تأويل ، مضافاً إلى أنّه يشترط في صحّة الكناية وجود الملازمة العقلية أو العرفية بين ذكر الملزوم وإرادة اللازم ، وهي مفقودة في المقام ، إذ ربّما صائم يقيم العزاء ، وربّما مفطر لا يقيمه ، فكيف يكون النهي عن الصوم المتأوّل إلى طلب الترك ، كناية عن إقامة العزاء؟!
نعم لا بأس بالجواب الثالث ، وهو كون النهي إرشاداً إلى أنّ الفعل أقلّ ثواباً من الترك المنطبق عليه عنوان المخالفة لأعداء الدين الملازم لما هو أرجح من الفعل على فرض صحته.
إلى هنا تمّ تحليل ما أفاده المحقّق الخراساني من الأجوبة الثلاثة ، وقد أُجيب عن الاستدلال بوجوه أُخرى ربّما تصل مع الأجوبة لصاحب الكفاية إلى وجوه ستّة ، فنقول على غرار ما سبق.
الرابع : انّ السابر في الروايات التي جمعها الحرّ العاملي في الباب ٢١ من أبواب الصوم المندوب ، انّ يوم عاشوراء يوم حزن ومصيبة لأهل البيت وشيعتهم ، ويوم فرح وسرور لأعدائهم ، وقد صام ذلك اليوم آل زياد وآل مروان شكراً وفرحاً