ولا يتصور عندئذ ملكية كلية ، للمال ، حتّى يبحث عن ارتفاعها ـ عند ارتفاع الفقر ـ وعدمه ، لأنّ المال الواحد ، لا يصلح أن يكون وقفاً أو ملكاً إلا لواحد ، وعندئذ يكون الارتفاع عن غير مورده عقلياً لا من باب المفهوم ، ففرق بين إنشاء وجوب الإكرام وانشاء الملكية ، إذ يصحّ إنشاء وجوبين طوليين أحدهما في ظرف التسليم وثانيهما في ظرف آخر ، وهذا بخلاف إنشاء الملكية للعين فلا يمكن نقلها مرّتين تارة للأولاد الفقراء ، وأُخرى لأولاده الأغنياء.
ومنه يظهر ما في كلام الشهيد الثاني في تمهيد القواعد حيث زعم انّ انتفاء الحكم في هذه الموارد من باب المفهوم فقال : لا إشكال في دلالة الشرط والرهن في مثل الوقف والوصايا والنذور والأيمان ، كما إذا قال : وقفت هذا على أولادي الفقراء ، أو إن كانوا فقراء ، ونحو ذلك. (١)
إشكال وإجابة
أمّا الإشكال فقد حكاه الشيخ الأنصاري في تقريراته عن بعضهم ، وقال : وقد يستشكل في المقام ( مطلق القضايا الشرطيّة ) نظراً إلى أنّ الشرط المذكور إنّما وقع شرطاً بالنسبة إلى الإنشاء الخاص ، الحاصل بذلك الكلام دون غيره فأقصى ما تفيده الشرطية انتفاء ذلك وأين ذلك ، من دلالته على نوع الوجوب؟! (٢)
وإلى هذا الإشكال يشير في « الكفاية » بقوله : إنّ المناط في المفهوم هو سنخ الحكم لا نفس شخص الحكم في القضية ، وكان الشرط في الشرطية إنّما وقع شرطاً بالنسبة إلى الحكم الحاصل بإنشائه دون غيره فغاية قضيتها انتفاء ذاك
__________________
١. تمهيد القواعد ، القاعدة ٢٥ ، ص ١١٠.
٢. مطارح الأنظار : ١٧٧.