فعند ذلك يكون مفهومها موجبة كلية ، أي إذا لم يبلغ الماء قدر كرّ ينجسه الدم والبول والكلب والخنزير والميتة ... الخ.
هذا هو مبنى القولين ومن المعلوم أنّ الحقّ هو الأوّل ، فانّ لفظة « شيء » مفهوم متوغّل في الإبهام ، فنفيه ـ كما في المنطوق ـ رهن نفي كلّ ما يصدق عليه شيء وإيجابه كما هو الحال في المفهوم بوضع شيء من الأشياء.
ثمّ إنّ الذي دعا الشيخ الأعظم إلى اختيار القول الثاني مع أنّه مخالف لما عليه المنطقيّون في باب التناقض ومخالف لما هو المتفاهم العرفي في هذه المواضع هو ما سبق منّا من أنّه يجب الاحتفاظ بعامة القيود الواردة في المنطوق ، وبما انّ الكليّة من إحدى القيود في المنطوق فيجب أن يحتفظ بها في المفهوم.
وعلى هذا المبنى تكون الكلية قيداً محفوظاً في جانبي المنطوق والمفهوم ويصبح المفهوم موجبة كلية.
وإلى ما ذكرنا يشير الشيخ بقوله : « ومن هنا ( لزوم حفظ القيود بتمامها في المنطوق والمفهوم ) يعلم صحّة ما أفاده بعض الأساطين من قوله عليهالسلام : إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء » فانّ مفهومه انّه إذا لم يكن قدر كرّ ينجسه كلّ شيء من النجاسات ، كما يعلم فساد ما قيل من أنّ لازم القضية المذكورة نجاسة الماء غير الكرّ بشيء من النجاسات ، وهو مجمل لا يفيد ولا يلزم منه النجاسة ، بكلّ شيء من النجاسات.
ثمّ رتّب الشيخ على مختاره وقال : إنّ ما دلّ على عدم نجاسة الماء المستعمل في الاستنجاء يعارض عموم المفهوم ، مثل ما دلّ على نجاسته إذا كان غالباً. (١)
__________________
١. مطارح الأنظار : ١٧٨.