لو نذر أن لا يدخّن فتارة يتعلّق نذره بترك كلّ ما يصدق عليه لفظ السيجارة في بيته ، وأُخرى بترك مجموع ما في بيته منها ، وثالثة بترك واحد منها.
فالنذر في الأوّل بنحو العام الاستغراقي ، ويكون لكلّ فرد إطاعة وعصياناً وبالتالي كفّارة متعدّدة ، كما أنّه في الثاني بنحو العام المجموعي وتتحقّق الطاعة بترك الجميع والعصيان بفعل واحد منهم ويكون هناك كفّارة واحدة ، وذلك لحنث النذر بالفرد الأوّل ، ولا يصدق الحنث على الفرد الثاني لافتراض انّ الموضوع ( المجموع ) لم يبق بحاله حيث نقص منه فرد واحد ، كما أنّه في الثالث بنحو العام البدلي فيجوز له التدخين إلى أن يبقى منها واحد.
الرابع : البدلي من أقسام العام
الظاهر من الأُصوليّين انّ العام ينقسم إلى أقسام ثلاثة حسب ما عرفت ، غير أنّ المحقّق النائيني قدسسره قال : إنّ في عدّ العام البدلي من أقسام العموم مسامحة واضحة ، بداهة أنّ البدلية تنافي العموم. فانّ متعلّق الحكم في العموم البدلي ليس إلا فرد واحد ، أعني به : الفرد المنتشر ، وهو ليس بعام. نعم البدلية عامة فالعموم إنّما هو في البدلية لا في الحكم المتعلّق بالفرد على البدل. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ البدلية ليست شيئاً وراء الموضوع ، فالموضوع هو العام بقيد البدلية ، وإطلاق العام عليه على المختار لأجل قابلية صدقه على كلّ فرد فرد ، لكن لا في عرض واحد ، بل على نحو التبادل ، كقوله : أكرم أي رجل شئت.
وأمّا على مختار المحقّق الخراساني الذي هو خيرة المحقّق النائيني فلوجود ملاك العموم وهو سعة الحكم وشموله لكلّ فرد على نحو التبادل ، حيث إنّ الحكم يعمّ ويسع كلّ فرد على وجه البدلية مقابل اختصاصه بفرد واحد.
__________________
١. أجود التقريرات : ١ / ٤٤٣.