الخامس : دوران الأمر بين أحد الأقسام الثلاثة
إذا دار أمر العام بين أحد هذه الأقسام ، فهل هي أصل يعتمد عليه في تعيين أحد الأقسام؟ مثلاً : إذا حلف على ترك التدخين فشك انّه هل كان على نحو العموم الاستغراقي أو المجموعي ، قال المحقّق النائيني : إنّ الأصل اللفظي الإطلاقي يقتضي الاستغراقية ، لأنّ العموم المجموعي يحتاج إلى غاية زائدة وهي لحاظ جميع الافراد على وجه الاجتماع وجعلها موضوعاً واحداً. (١)
يلاحظ عليه : بأنّه لا موضوع للأصل اللفظي في العام ، وذلك لما عرفت من أنّ في لغة العرب لكلّ من الأفراد لفظاً خاصاً ، فأين لفظة « كلّ » من لفظة « أي » وهما من لفظة « المجموع » ، فالأمر يدور بين المتباينين فلا أصل هنا يعيّن واحداً من هذه الألفاظ.
والحاصل : انّ تعلّق العلم الإجمالي بصدور واحد من هذه الألفاظ المردد بين الاستغراقي والمجموعي والبدلي ، يكون سبباً لدوران الموضوع بين الأُمور المتباينة كدوران الفائت بين الظهر والمغرب والفجر ، فكما لا موضوع للأصل اللفظي فيه فهكذا المقام.
نعم يتصوّر الدوران فيما إذا كان الدليل لبياً كالإجماع والسيرة على وجـوب شيء كصيام ثلاثة أيّام فيقع الكلام في وجوبها متوالية حتّى يكون كالعـام المجموعي أو أعمّ منه ومن غير المتوالي ليكون كالعام الاستغراقي ، فالمرجـع حينئذ هو البراءة ، وذلك لأنّ الشكّ في كلفة زائدة وهو التوالي والأصل عدمه.
__________________
١. فوائد الأُصول : ١ / ٥١٥.