السادس : الفرق بين العام والمطلق
إنّ العام كما عرفت ينقسم إلى شموليّ ومجموعيّ وبدليّ ، والمطلق أيضاً ينقسم إلى شمولي وبدلي ، أمّا الشمولي فكقوله سبحانه : ( أَحَلَّ اللّهُ البَيْعَ ) (١) ، فانّ اللام للجنس ومع ذلك تفيد العموم لجريان مقدّمات الحكمة حيث إنّ المتكلّم في مقام البيان ولم ينصب قرينة على فرد خاص فيفيد الشمولي.
وأمّا البدلي كقوله : « اعتق رقبة » بمعنى كفاية فرد ما ، نظير قوله في العام « اعتق أيّ رقبة » وعندئذ يطرح السؤال التالي : ما الفرق بين العام والمطلق؟
والجواب المعروف هو انّ دلالة العام بالوضع فكأنّ الشموليّة والبدلية داخلان في مفهوم العام ولكن دلالة المطلق عليهما بالعقل وبفضل مقدّمات الحكمة كما قررنا.
ومع أنّ هذا الجواب متين ولكن يمكن الإجابة بوجه آخر ، وحاصله :
حقيقة الإطلاق عبارة عن كون ما وقع تحت دائرة الطلب تمام الموضوع للحكم لا جزأه ، سواء أكان الموضوع أمراً طبيعياً أو فرداً شخصياً ، مثلاً :
قولنا : اعتق رقبة نظير قولنا : أكرم زيداً في أنّ كلاً من اللفظين تمام الموضوع للحكم لا جزؤه ، بخلاف ما إذا قلنا : « اعتق رقبة مؤمنة » أو قلنا : « أكرم زيداً قائماً » حيث يعود اللفظ فيهما جزء الموضوع ، فإذا كان هذا ( كون الشيء تمام الموضوع للحكم ) حقيقة الإطلاق ، فالشمول والبدلية ، والجزئية لا صلة لها بواقع الإطلاق.
نعم يختلف مفاد ما وقع تحت دائرة الطلب من حيث المضمون ، فتارة تكون نتيجة الإطلاق الشمولية وأُخرى البدلية وثالثة الجزئية ، فهذه الأُمور الثلاثة نتائج الإطلاق لا نفس الإطلاق ، وهذا بخلاف العام فانّ الشمولية والبدلية داخلان في جوهر الموضوع.
____________
١. البقرة : ٢٧٥.