انفصاله ـ انعقادَ ظهوره في العموم ، وإنّما يزاحم حجّيته فيه كما مرّ ، ودار أمـره بين الأقل والأكثر ، كما إذا قال : أكرم العلماء ، ثمّ قال بعـد فترة : « لا تكرم فسّاق العلماء » فهل يسري إجماله إلى العام أو لا؟ ذهب المحقّق الخراسـاني وتبعه السيّد الأُستاذ ـ قدّس سرّهما ـ إلى عدم سرايته إلى العام ، وأنّ العـام يكون حجّة في مورد الشكّ ، كمرتكب الصغيرة ، والفرق بينه وبين المتّصـل حيث قلنا بعدم حجّية العام فيه هو انعقاد ظهور اللفظ في العموم وبالتالي شموله لكلّ فرد حتّى مرتكب الصغيرة ، هذا من جانب ومن جانب آخر الأصـل تطابق الإرادة الاستعمالية التي يحكي عنها الظهور في مورد مرتكب الصغيرة مع الإرادة الجدية فيكون العام حجّة في الفرد المشكوك ، وأمّا المخصص اللفظي المنفصل فهو وإن كان حجّة قطعية في مورد الكبيرة ، لكنّه في مورد الصغيرة مشكوك الحجيّة ، فلا يجوز رفع اليد عن الحجّة القطعيّة بالحجّة المشكوكة.
وإلى هذا الدليل يشير المحقّق الخراساني بقوله :
« إذا كان الخاص بحسب المفهوم مجملاً بأن كان دائراً بين الأقل والأكثر وكان منفصلاً فلا يسري إجماله إلى العام لا حقيقة ولا حكماً ، بل كان العام متبعاً فيما لا يُتبع فيه الخاص ، لوضوح انّه حجّة فيه بلا مزاحم أصلاً ضرورة انّ الخاص إنّما يزاحمه فيما هو حجّة على خلافه تحكيماً للنصّ أو الأظهر على الظاهر لا فيمالا يكون كذلك ». (١)
وقال السيد الأُستاذ قدسسره : ولا يقاس ذلك بالمتصل المردد بين الأقل والأكثر ، إذ لم ينعقد للعام هناك ظهور قط إلا في المعنون بالعنوان المجمل ومرتكب الصغيرة
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٣٣٩.