الخراساني من التفصيل إليه.
وحاصله : انّه إذا كان الحكم الطبيعي للموضوع هو الحرمة والفساد وكانت الحلية والصحّة أمراً طارئاً وعلى خلاف طبع الموضوع ، ففي هذه الموارد لو شكّ في مورد انّه باق تحت حكم العام أو خارج عنه فالعام هو المحكّم حتّى يثبت الخلاف ، وعلى ذلك جرت سيرة علمائنا وإن كان تمسّكاً بالعام في الشبهة المصداقية.
وها نحن نذكر عدّة أمثلة اتّفقت كلمة الفقهاء فيها على العمل بالعام وإن كانت الشبهة مصداقية :
١. دلّ الذكر الحكيم على وجوب الغض على المؤمنين بالنسبة إلى الجنس غير المماثل ، وإن شئت قلت حرمة النظر إليه ، وقال : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُروجَهُمْ ذلِكَ أَزكى لَهُمْ إِنَّ اللّهَ خَبيرٌ بِما يَصْنَعُون ). (١)
ثمّ إنّه سبحانه خصّص وجوب الغض أو حرمة النظر بالنسبة إلى غير المماثل في سورة النساء بالمحارم الواردة في قوله سبحانه : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخواتُكُمْ وَعَمّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَناتُ الأَخ ... ) (٢) فإذا ضُمّت الآيتان يتشكل منهما ، عام مخصَّص ، كأنّه سبحانه قال : غضّوا أبصاركم عن المرأة غير المحارم ... ، فلو شكّ في جنس غير مماثل انّه من المحارم ، أو لا ، يكون مرجعه إلى الشكّ في مصداق المخصص فأحد الجزءين محرز وهو كونه مرأة أو جنساً غير مماثل وإنّما الشكّ في الجزء الآخر ، أعني : كونه غير المحارم ، فالدليل الاجتهادي ، أعني : العام ، ساقط ، لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، فالمرجع
__________________
١. النور : ٣٠.
٢. النساء : ٢٣.