هو حلية النظر ومع ذلك عدل المشهور عن الضابطة وأفتوا بالحرمة أخذاً بحكم العام ، وما ذلك إلا لأنّ الحكم الطبيعي في نظر الرجل إلى المرأة هو الحرمة ، خرج عنه ، موارد معدودة استثنائية فيؤخذ بالحكم الطبيعي للموضوع وهو حرمة النظر ، إلى أن يثبت خلافه.
ولذلك يقول السيد الطباطبائي في العروة : إذا شكّ في كونه مماثلاً أو لا ، أو شكّ في كونه من المحارم النسبية أو لا ، فالظاهر وجوب الاجتناب ، لأنّ الظاهر أنّ وجوب الغض إلى جواز النظر مشروط بأمر وجودي وهو كونه مماثلاً أو من المحارم فمع الشكّ يعمل بمقتضى العموم. (١)
وما علَّل به الحكم من الأخذ بقاعدة المقتضي وعدم المانع ليس بتام ، فانّ عدم احراز عنوان المخصص لا يكون دليلاً على التمسك بالعام ، إذ ليست المرأة بما هي هي موضوعة للحرمة بل المرأة بوصف كونها من غير المحارم فكما لا يجوز التمسّك بالمخصص لا يجوز التمسك بعموم العام ، إلا أن يكون الدليل ما ذكرناه من جريان السيرة على العمل بعموم العام ، لكون الأصل في المورد هو الحرمة ، والحلية أمر استثنائي.
٢. يقول سبحانه : ( ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنّ ... ) (٢) فالأصل في إبداء الزينة لغير المماثل هو الحرمة ، خرجت المحارم عن تحتها ، أعني قوله : ( إِلاّ لبُعُولتهنّ ) وما عُطِفَ عليها في الآية ، فلو شك في رجل في أنّه من المحارم الذين يجوز ابداء الزينة لهم ، أو لا ، فالسيرة على حرمة الإبداء ، إلا إذا تبيّن كونه من المحارم ، مع أنّ مقتضى الأصل العملي هو جواز
__________________
١. العروة الوثقى ، كتاب النكاح ، المسألة ٥٠.
٢. النور : ٣١.