الإبداء وما ذلك ، إلا لأنّ الحكم الطبيعي أو الأصل الأوّلي في إبداء الزينة هو الحرمة والحلية طارئة استثنائية فيؤخذ به حتّى يثبت خلافه.
٣. انّ الوقف عبارة عن تحبيس العين وتسبيل المنفعة فلا يباع ولا يوهب ولا يرهن ، ومع ذلك كلّه فقد أفتى الفقهاء تبعاً للنصوص والقواعد ، بجواز بيعه في موارد عشرة تكفّل ببيانها الشيخ الأعظم في المتاجر ، فلو قام رجل ببيع الوقف واحتملنا كون المورد من الموارد المرخصة فمقتضى القاعدة الأُصولية عدم جواز التمسّك بالعام : « لا يجوز بيع الوقف » لكون الشبهة مصداقية ، لكن الفقهاء أفتوا بعدم جواز الشراء ، حتّى يعلم المجوز ، عملاً بالعام ، وما ذلك إلا لأجل أنّ الأصل الأوّلي في الوقف هو الحرمة تكليفاً ووضعاً ، فالعام حجّة ، وإن كانت الشبهة مصداقية.
٤. انّ الأصل في مال اليتيم هو حرمة التصرف إلا إذا كان فيه غبطة اليتيم ، قال سبحانه : ( وَلا تَقْرَبُوا مالَ اليَتيمِ إِلاّ بالّتِي هِيَ أَحسَن ) (١) فلو قام أحد ببيع مال اليتيم واحتملنا فيه غبطة اليتيم ، لا يجوز الشراء حتّى يثبت المجوز ، ولا يجري في المقام ولا في المورد السابق أصالة الصحّة حتّى أنّ الشيخ استثنى في فرائده (٢) هذين الموردين من مجرى أصالة الصحة ، فلاحظ.
وبذلك يعلم وجه التفريق في كلام الشيخ في فرائده ومتاجره ، بين الصلاة على الميّت ، وبيع مال اليتيم والوقف ، حيث تجري أصالة الصحّة في الأُولى دون الثاني ؛ فلو قام أحد بإقامة الصلاة على الميّت وشككنا في صحّة صلاته وفسادها ، تحمل على الصحّة ؛ ولو قام هو ببيع مال اليتيم ، أو الوقف ، لا يحمل على
__________________
١. الأنعام : ١٥٢.
٢. الفرائد : ٤١٩ ، طبعة رحمة اللّه.