أحرز فيه الرجحان والإباحة.
وإلى ذلك أشار المحقّق الخراساني بقوله : « نعم لا بأس بالتمسّك به في جوازه بعد إحراز التمكّن منه والقدرة عليه (١). فيما لم يؤخذ في موضوعاتها حكم أصلاً ( كالضرر والحرج والإكراه ) ، فإذا شكّ في جوازه ( الفرد كشرب الخمر عن إكراه والإفطار لكون الصوم ضررياً ) صحّ التمسّك بعموم دليل العناوين الثانوية في الحكم بجوازها ». (٢)
والحاصل فرق بين النذر وطاعة الوالد ، وبين الحرج والضرر والإكراه ، فلا يتمسّك بالقسم الأوّل إلا بعد إحراز الحكم المأخوذ في متعلّق النذر من الطاعة والإباحة ، بخلاف الحرج والضرر والإكراه فيتمسك بهما في جواز الفرد المشكوك بلا شرط.
نعم للتمسّك بالقسم الثاني من العناوين الثانوية شرط آخر ، وقد أشار إليه المحقّق الخراساني في المقطع الثاني من كلامه ، وهو :
إنّ التمسك بالحرج والضرر والإكراه لإثبات جواز الفرد المشكوك مشروط بكون الملاك فيها أقوى من ملاك الحكم الأوّلي ، حيث إنّ الخمر والصيام والوضوء ، محكومة بالعنوان الأوّلي بالحرمة أو الوجوب ، وبالعنوان الثانوي بالجواز ، فلا يقدّم العنوان الثانوي إلا إذا كان الملاك في جانب العنوان الثانوي أقوى ، وإلا لم يؤثر أحد العنوانين فيرجع إلى الأُصول كالإباحة.
هذا وما أفاده في المقام مغاير لما سيأتي منه في البحث عن قاعدة : « لا ضرر ولا ضرار » من تقدّم العناوين الثانوية على العناوين الأوّلية مطلقاً من غير فرق
__________________
١. لا وجه لأخذ القدرة ، إذ الأحكام كلّها مقيّدة بالقدرة.
٢. الكفاية : ١ / ٣٥١.