الاسناد؟ ( اسناد حكم المختصّ بالبعض إلى الكلّ من باب المجاز في الاسناد ).
ومع أنّه قدسسره قدّم أصالة العموم في الجملة الأُولى على أصالة العموم في الضمير أو أصالة الحقيقة في الاسناد ، لكنّه أخيراً احتمل كون الكلام مجملاً والآية خارجة عن نطاق الاستدلال بحجّة انّ الشكّ في المقام في قرينية الضمير على عدم إرادة العموم من المرجع والكلام المحتف باحتمال القرينية يكون مجملاً لا يحتجّ به ويرجع إلى الأُصول العملية. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره من أنّ الشكّ في ناحية العموم شكّ في المراد؟ فيجري الأصل من دون منازع بخلاف الشكّ في ناحية الضمير ، فالشكّ هناك في كيفية الإرادة لا في المراد فتقدّم أصالة العموم على أصالة العموم في الضمير ، أو أصالة الحقيقة في الاسناد ، صحيح لا غبار عليه.
إنّما الكلام في الأمرين اللذين احتملهما في ناحية الضمير حيث إنّ كلاً من التصرفين غير جائز ، أمّا الأوّل وهو القول بالاستخدام ورجوع الضمير إلى بعض أفراد العام فهو غير صحيح ، لأنّ الضمائر كما تقدّم الكلام فيه في مقدّمة علم الأُصول وضعت لنفس الإشارة الخارجية فلابدّ لها من مشار إليه ، وهو ليس إلا المرجع المذكور في الآية ، فيجب تطابقهما فلا يمكن أن تكون الإشارة على وجه أخص والمشار إليه على وجه أعمّ.
وأمّا الثالث ، أعني : احتمال المجاز في الاسناد ، فهو أيضاً غير صحيح ، لأنّ المجاز في الاسناد رهن مصحح كالمبالغة حيث ينسب الحكم الصادر من بعض إلى الكلّ مبالغة ، كما في قول القائل : قتل بنو فلان زيداً ، وإنّما قتله بعضهم ، ومثله قوله سبحانه مخاطباً اليهود : ( قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبلِي بِالبَيّناتِ وَبِالَّذي
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣.