قُلتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقين ) (١) مع أنّ القتل لم يصدر إلا عن بعضهم فنسب إلى الكلّ مبالغة بملاك رضاهم بعملهم ، وهذا بخلاف الآية إذ ليس فيها وجه للمبالغة.
الاحتفاظ بأصالة العموم في كلا الموردين
إذن يجب علينا علاج المشكلة من طريق آخر ، وهو الذي أشار إليه المحقّق الخراساني عند البحث في أنّ التخصيص موجب لمجازية العام أو لا ، فقد حقّق فيه أنّ التخصيص لا يوجب المجازية لا في المتصل ولا في المنفصل.
أمّا المتصل فلأجل تعدد الدالّ والمدلول ، كقولنا : أكرم العالم العادل ، فكلّ من العالم والعادل مستعمل في معناهما ، لأنّ العالم مستعمل في العالم العادل.
نعم الحكم تابع بمجموع الموضوع.
وأمّا المنفصل فلما حقّق من أنّ لكل متكلّم إرادتين : استعمالية وجدية ، فالعالم يستعمل في معناه اللغوي بالإرادة الاستعمالية ، فلو كانت الإرادة الجدية متعلّقة به أيضاً فيكون العام بعمومه موضوعاً وإن لم تكن الإرادة الجدية مطابقة للإرادة الاستعمالية أشار إلى عدم المطابقة بدليل خاص ، فترفع اليد عن ظاهر الدليل بدليل أقوى دون أن تطرأ المجازية على العام ويستعمل في غير معناه.
وعلى ضوء هذا فكان على المحقّق الخراساني أن يطرق هذا الباب ويقول إنّه لا محذور في البين أبداً من الاحتفاظ بأصالة العموم في كلا الموردين ، إذ لا مانع من أن يكون العام مستعملاً في معناه ويكون الضمير أيضاً راجعاً إلى نفس
__________________
١. آل عمران : ١٨٣.