الاستثناء المندك في الفسّاق ، غير أنّ الذي يُصحّح رجوعه إلى أكثر من واحد ليس عروض الكثرة على المعنى الربطي الواحد ، بل لأجل وجود كثرة وسعة في متعلّقه ، أي نفس مفهوم الفسّاق حيث يشمل الفاسق من الطوائف الثلاث ، فلو كان المستثنى قابلاً للإنطباق على أكثر من واحد بالذات ، لسرت الكثرة مجازاً وبالعرض إلى نفس الاستثناء.
وإن شئت قلت : فرق بين تعلّق المعنى الربطي الواحد ، بكلّ من العلماء والطلاب والتجار ، وتعلّقه بمفهوم واحد قابل للانطباق على أكثر من واحد ، وهو لا يوجب تصرفاً في معنى الاستثناء.
وبذلك تبين انّ إمكان الرجوع أمر لا سترة عليه. وإليك الكلام في المقام الثاني.
المقام الثاني : في بيان ما هو ظاهر فيه
إذا أمكن رجوع الاستثناء إلى الأخير والجميع ، يقع الكلام في استظهار ما هو الظاهر من الأمرين؟
ذهب المحقّق الخراساني إلى أنّ الكلام يصير مجملاً لا يكون ظاهراً في أحد الأمرين.
فإن قلت : إنّ رجوعه إلى الأخير أمر متعيّن فلماذا لا يتمسّك بأصالة العموم في غير الأخيرة حتى يكون قوله : ( فَاجْلِدُوهُم ) وقوله : ( وَلا تَقْبلُوا لهم شَهادة أَبداً ) مصونان من التخصيص؟
قلت : أصالة العموم حجّة فيما إذا شكّ في أصل التخصيص وفي وجود القرينة ، وأمّا إذا شكّ في قرينية الأمر الموجود كما في المقام فلا يتمسّك بها. حيث إنّ الاستثناء صالح للرجوع إلى الجميع ، واكتناف الكلام بهذا النوع من القرينة