نظرية المحقّق النائيني
ثمّ إنّ المحقّق النائيني فصل في هذا المقام وجعل المحور للاستظهار تكرار عقد الوضع حيث إنّه يكون مانعاً من عود الاستثناء إلى الجمل المتقدمة عليه ، فذكر هنا صوراً ثلاثاً :
الأُولى : أن يتكرر عقد الوضع في الجملة الأخيرة أيضاً ، كما في الآية المباركة حيث قال في صدرها : ( وَالّذينَ يَرْمُون المُحْصَنات ) وفي ذيلها : ( وَأُولئكَ هُمُ الْفاسِقُون * إِلاّ الذين تابُوا ).
الثانية : أن يقتصر على ذكر عقد الوضع في صدر الكلام ويحيل الباقي إليه ، كما إذا قال : أكرم العلماء وأطعمهم وأحسن إليهم إلا فسّاقهم ، فعقد الوضع ، أعني : العلماء ، ذكر مرة واحدة في صدر الجمل.
الثالثة : أن يتكرر عقد الوضع في وسط الجمل المتعدّدة ، كما إذا قال : أكرم العلماء وسلم على الطلاب ، وأضفهم إلا الفسّاق حيث ذكر الطلاب في الوسط.
ثمّ إنّه قدسسره حكم باختصاص الاستثناء بالجملة الأخيرة في الصورة الأُولى وبرجوعه إلى الجميع في الصورة الثانية ، ورجوعه إلى الجملة المشتملة على عقد الوضع ، والجملة المتأخرة عنها دون ما قبلها في الصورة الثالثة.
فالمدار عنده هو عقد الوضع حيث إنّ تكراره يمنع من عود الاستثناء إلى ما قبلها وذكره وحده يوجب رجوع الاستثناء إلى جميع الجمل المنتهية إليه. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ ما ذكره من رجوع الاستثناء إلى الجملة الأخيرة أو إلى الجميع أو إليها حتّى تنتهي إلى عقد الوضع المذكور في وسط الجمل صحيح لا
__________________
١. أجود التقريرات : ١ / ٤٩٧ ، بتوضيح وتلخيص منّا.