كان المشركون واليهود يطعنون بالإسلام ويقولون : ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثمّ ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ، ويقول اليوم قولاً وغداً يرجع عنه ، فنزلت هذه الآية أو ما هو بمضمونها.
والآية تدلّ على وقوع النسخ بشهادة قوله : ( وَإِذا بَدّلنا آية مَكانَ آية ). والآية ظاهرة في الآية القرآنيّة ، لا الآية الكونية كالمعجزة ، ويشهد على ذلك قولهم : ( إنّما أنت مفتر ).
٢. قوله : ( يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتاب ). (١) والآية تعمّ المحو التشريعي والمحو التكويني الذي نعبر عنه بالبداء.
وهناك آية ثالثة تدلّ على إمكان النسخ لا على وقوعه ، وهو قوله سبحانه : ( ما نَنْسَخْ مِنْ آية أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْر مِنْها أَوْ مِثْلَها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ عَلى كُلّ شَيء قَديرٌ ). (٢)
وبما انّ هذه الآية من الآيات المشكلة في القرآن الكريم نذكر شيئاً حولها :
١. انّ لفظة « ما » ليست نافية ولا موصولة ، بل هي ما شرطية تجزم شرطها وجزاءها ، ولذلك صار الشرط ( نَنْسَخْ ) مجزوماً وهكذا جزاؤها ( نُنْسِها ) ، لأنّ أصلها ننسيها فحذف الياء الناقصة لأجل الجزم ، فانّ علامة الجزم هو سكون آخر الفعل في الصحيح وحذف حرف العلّة في المعتل ، وقوله : « ننسها » مأخوذ من أنسي فهو ناقص يائي.
يقول ابن هشام : إنّ « ما » الشرطية على نوعين :
غير زمانية نحو ( وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْر يَعْلَمْهُ اللّهُ ) (٣) ( ما ننسخ من آية )
__________________
١. الرعد : ٣٩.
٢. البقرة : ١٠٦.
٣. البقرة : ١٩٧.