الخامس : أقسام النسخ
قسّم أهل السنّة النسخ إلى وجوه ثلاثة :
الأوّل : ان تُنسخ الآية تلاوة وحكماً بحيث يرتفع لفظها وحكمها.
الثاني : أن تنسخ تلاوة لا حكماً ، أي يرتفع لفظها ، ويبقى حكمها.
الثالث : أن تنسخ حكماً لا تلاوة ، أي تثبت ، ولكن لا يؤخذ بظاهرها بعد النسخ.
أمّا القسم الأوّل ، فلا وجود له في الخارج ، لأنّ المفروض انّ الآية رفعت بلفظها وحكمها فلم تبق بين الأُمة.
وقال الرازي : وأمّا الذي يكون منسوخ الحكم والتلاوة فهو ما روت عائشة أنّ القرآن قد نزل في الرضاع بعشر معلومات ثمّ نسخن بخمس معلومات ؛ فالعشر مرفوع التلاوة والحكم ، والخمس مرفوع التلاوة باقي الحكم. (١)
وأمّا الثاني ، ففسروه بمنسوخ التلاوة ، وهو ما رفعت تلاوته وبقي معناه ، ومثّلوا لذلك ما روي عن عمر أنّه قال : كنّا نقرأ آية الرجم : « الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من اللّه واللّه عزيز حكيم ».
وروى : « لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى إليهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب اللّه على من تاب ».
ولفظ الآيتين المزعومتين يحكي عن أنّهما ليستا من القرآن الكريم ، لأنّهما عاريتان عن البلاغة والفصاحة.
على أنّ الآية الأُولى نسجت على منوال قوله سبحانه : ( الزانيةُ والزانيُّ
__________________
١. مفاتيح الغيب : ٣ / ٢٣٠.