العبد ليس فعلا للعبد بل كسب له وإنّما هو فعل الله فقط، وجمهور الناس من أهل السنّة من جميع الطوائف على خلاف ذلك، وإنّ العبد فاعل لفعله حقيقة، والله تعالى أعلم.
ثمّ قال : وأمّا ما نقله من نفي الغرض الذي هو الحكمة وكون الله لايفعل لمصلحـة العباد، فقد قدّمنا أنّ هذا قول قليل منهم كالأشعريّ وطائفة توافقه في موضع ويتناقضون في قولهم في موضع آخر.
إلى أن قال : وأمّا قوله : وإنّه تعالى يريد المعاصي من الكافر ولا يريد منه الطاعة، فهذا قول طائفة منهم وهم الذين يوافقون القدريّة فيجعلون المشيئة والإرادة والمحبّة والرضا نوعاً واحداً، ويجعلون المحبّة والرضا والغضب بمعنى الإرادة، كما يقول ذلك الأشعري في المشهور عنه وأكثر أصحابه وطائفة ممن يوافقهم من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد.
إلى أن قال : وكثير من متأخري المثبتين [للقدر] (١) ممّن اتّبع أبا الحسن من المصنّفين في أصول الفقه وغيره من أصحاب مالك والشافعي وأحمد فقالوا : إنّ الله يأمر بما لا يريد، كالكفر والفسوق والعصيان (٢) ، إلى آخر كلامه وتشنيعاته.
وقال في صفحة ٢٧٠ : كما يقول ذلك ما يقوله جهم (٣) وأتباعه
____________________
(١) عن المصدر.
(٢) منهاج السنّة ٣ : ١٣ - ١٨.
(٣) جهم بن صفوان السمرقندي، أبو محرز، من موالي بني راسب، رأس الجهمية، كان من الجبرية التي لا تثبت للعبد فعلاً ولا قدرة، وكان ينكر الصفات وينزه الباري عنها، وزعم أنّ علم الله حادث، وقال بحدوث كلامه تعالى، ظهرت بدعته بترمذ،