تكون من الخطأ المغفور لا من السعي المشكور، وكلّ من لم يسلك سبيل العلم والعدل أصابه مثل هذا التناقض (١) .
وفي الجزء الثالث منه في صفحة ٨٣ فإن كان من الصوفيّة الذين يجعلون الكمال في فناء العبد عن حظوظه، دخلوا في مقام الفناء في توحيد الربوبيّة الذين يقولون فيه : العارف لا يستحسن حسنة ولا يستقبح سيئة، ويجعلون هذا غاية العرفان، فيبقى عندهم لا فرق بين أولياء الله وأعدائه، ولا بين الإيمان والكفر به، ولا بين حمده والثناء عليه وعبادته وبين سبّه وشتمه وجعله ثالث ثلاثة، ولا بين رسول الله وبين أبي جهل، ولا بين موسى وفرعون (٢) .
إلى أن قال : وإن كان من المرجئة (٣) الذين إيمانهم بالوعيد ضعيف، استرسلت نفسه في المحرّمات وترك الواجبات حتّى يكون من شرّ الخلق.
إلى أن قال : وهؤلاء يدعون محبّة الله في الابتداء، ويعظّمون أمر محبّته، ويستحبّون السماع بالغناء والدفوف والشبابات، ويرونه قربة، لأنّ ذلك بزعمهم يحرّك محبّة الله في قلوبهم، وإذا حقّق أمرهم وجدت محبتهم تشبه محبّة المشركين لا محبّة الموحدين.
إلى أن قال : وهؤلاء لا يحقّقون متابعة الرسول ولا الجهاد في سبيل الله بل كثير منهم، أو أكثرهم يكرهون متابعة الرسول، وهم من أبعد الناس
____________________
(١) منهاج السنّة ٤ : ٣٤٢.
(٢) نفس المصدر ٥ : ٣٢٥ - ٣٢٦.
(٣) مأخوذ من الإرجاء بمعنى التأخير، وهم فرقة يقولون : إنّه لا يضرّ مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وقالوا : إنّ الله أرجى تعذيبهم عن المعاصي، وهم الذين قالوا : الإيمان قول بلا عمل; لأنّهم يقدمون القول ويؤخرون العمل. المقالات والفرق : ٥ - ٦ و١٣١ ، الملل والنحل ١ : ٢٢٢.