يفيض على النفوس من المعارف من جنس خطاب الله عزّوجلّ لموسى بن عمران عليهالسلام ، كما تقوله القرامطة الباطنيّة ونحوهم من المتفلسفة، وجعل خلع النعلين الذي خوطب به موسى صلوات الله وسلامه عليه إشارة إلى ترك الدنيا والآخرة قال : وهو من جنس قول مَن يقول : إنّ النبوّة مكتسبة، ولهذا كان أكابرهؤلاء يطمعون في النبوّة، فكان السهروردي المقتول يقول : لا أموت حتّى يقال لي : قم فأنذر..
وكان ابن سبعين يقول : لقد ذرب ابن آمنة حيث قال : «لا نبي بعدي»، ولما جعل خلع النعلين إشارة إلى ذلك، أخذ ذلك ابن قسي ونحوه ووضع كتابه في خلع النعلين واقتباس النور من موضع القدمين من مثل هذا الكلام، ومن هنا دخل أهل الإلحاد من أهل الحلول والوحدة والاتّحاد، حتّى آل أمرهم إلى أن جعلوا وجود المخلوقات عين وجود الخالق سبحانه وتعالى، كما فعل صاحب الفصوص ابن عربي، وابن سبعين، وأمثالهما من الملاحدة المنتسبين إلى التصوّف والتحقيق (١) ، انتهى.
وفي كتابه جواب أهل العلم والإيمان كفّر ابن المرابط وغيره ممّن يقول بنفي التفاضل في كلام الله، وهم كلّ أهل السنّة والجماعة
____________________
الحرمين فبرع في الفقه في مدّة قريبة، ومهر في الكلام والجدل، حتى صار عين المناظرين، أصله من غزالة وهي قرية من أعمال طوس وقيل : كان والده يغزل الصوف ويبيعه في دكانه، رحل إلى بغداد ودمشق والحجاز ومصر وبيت المقدس والاسكندرية، وعاد إلى وطنه، كان فيلسوفاً متصوّفاً، له آثار كثيرة في الفقه والاُصول والأخلاق وغيرها، توفّي سنة ٥٠٥ هـبطابران قصبة في طوس. تاريخ دمشق ٥٥ : ٢٠٠، سير أعلام النبلاء ١٩ : ٣٢٣ / ٢٠٤، الأعلام للزركلي ٧ : ٢٢.
(١) درء تعارض العقل والنقل ١ : ٣١٧ - ٣١٨.