في كلّ الصفات الجزئيّة، فيكون مراده من قوله : كنزولي هذا كما رواه ابن بطوطة في رحلته عن مشاهدة من ابن تيميّة حين حضر الجمعة معه في المسجد في الشام، وصعد ابن تيميّة المنبر وذكر حديث النزول ونزل عن المنبر درجة (١) ، ورآه من روى عنه ابن حجر في الدرر الكامنة أيضاً أنّه نزل عن المنبر درجتين وقال : كنزولي هذا (٢) ، بيان أنّ النزول ليس فعلا منفصلا عن الربّ بل هو قائم به مثل قيام فعله به في نزوله عن المنبر.
لكن من المعلوم بالضرورة أنّ هذا الذي نسبه إلى أئمّة أهل الحديث وجمهورهم إن كان مراده بهم غير الحشويّة من أهل الحديث والسنّة فهم بُراء منه وكذب محض عليهم، ولا يوجد نقله عن أحد من أهل السنّة والجماعة غير الحشويّة.
قال الإمام البيهقي في كتاب الأسماء والصفات : وقد [زلّ] (٣) بعض شيوخ أهل الحديث ممّن يرجع إلى معرفته بالحديث والرجال، فحاد عن هذه الطريقة حين روى حديث النزول، ثمّ أقبل على نفسه فقال : إن قال قائل : كيف ينزل ربّنا إلى السماء؟ قيل له : ينزل كيف يشاء. فإن قال : هل يتحرّك إذا نزل؟ فيقال : إن شاء تحرّك وإن شاء لم يتحرّك. وهذا خطأ فاحش عظيم، والله لا يوصف بالحركة; لأنّ الحركة والسكون يتعاقبان في محل واحد، وإنّما يجوز أن يوصف بالحركة من يجوز أن يوصف بالسكون، وكلاهما من أعراض الحدوث وأوصاف المخلوقين، والله تبارك
____________________
(١) رحلة ابن بطوطة ١ : ٣١٧.
(٢) الدرر الكامنة ١ : ٩٣.
(٣) في النسختين : نزل والمثبت عن المصدر.