ولا مغيث على الإطلاق إلاّ الله، وأنّ كلّ غوث فمن عنده وإن كان جعل ذلك على يدي غيره، فالحقيقة له سبحانه وتعالى ولغيره مجاز (١) ، انتهى.
فإذا كان سبحانه جعل ذلك على يدي نبي أو ولي فالحقيقة له فما لهذا المحروم يجعله شركاً، حتّى ذكر في وصيّته الكبرى : أنّ من قال : يا سيدي فلان أجرني ، أو توكّلت عليك وأنت حسبي، أو أنا في حسبك، أو نحو هذه الأقوال فهو شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلاّ قتل، فإنّ الله إنّما أرسل الرسول وأنزل الكتب لتعبد الله وحده لا شريك له ولا تجعل مع الله إلهاً آخر (٢) ، انتهى.
أترى أنّ مسلماً يعتقد أنّ رسول الله خرج عن كونه رسول الله وصار مغيثاً على الإطلاق بذاته لذاته، كلاّ بل كلّ مستغيث به صلىاللهعليهوآلهوسلم يستغيث به لأنّه رسول الله وحبيب الله وولي الله ومحبوب الله، فالحقيقة لله والرسول في ذلك معنى حرفي لا معنى اسمي، فحجّة المتوسّل بالنبيّ والولي ما هو مرتكز في ذهن المسلم وتعليله لأنّه رسول الله وولي الله ومحبوب الله والوجيه عند الله، فهذه المعاني محفوظة في ذهن كلّ مسـلم، ومع حفظها لايكون الرسول والولي هو القادر بالذات، بل كلّه من الله عند كلّ مستغيث به ومتوسّل به، فكلّ كلمات هذا المبدع الحشوي سفسطة وزندقة وتنقيص للرسول والأولياء.
حتّى إنّه في صفحة ٥٥من الجزء الرابع من منهاج الحشويّة الذي سمّاه منهاج السنّة قال بتكفير من قال : حسبي الله ورسوله، أو أرغب إلى
____________________
(١) مجموعة الفتاوى ١ : ٨٤.
(٢) نفس المصدر ٣ : ٢٤٤ - ٢٤٥.