الله ورسوله (١) .
وفسّر الشفاعة في كتاب جواب أهل العلم في صفحة ٦٩بأقبح الوجوه المستلزمة لنفي التوسل، قال ما لفظه : كلّ من شفع إليه شافع بلا إذنه، فقبل شـفاعته كان منفعلا عن ذلك الشافـع، فقد اثّرت شـفاعته فيه فصيّرته فاعلا بعد أن لم يكن، وكان ذلك الشافع شريكاً للمشفوع إليه في ذلك الأمر المطلوب بالشفاعة إذ كانت بدون إذنه (٢) . إلى آخره.
ألا قائل لهذا المحروم : إذا كان الشافع عبده ورسوله كيف يصير بشفاعته عند ربّه شريكاً له تعالى في ذلك الأمر؟! بل هو حبيبه والله يحبّ سؤال حبيبه، فلا يعقل أن لا يكون الله يحبّ شفاعة حبيبه، والمستشفع إنّما سأله الشفاعة لأنّه حبيب الله ورسوله المقرّب عنده، فالاستشفاع برسول الله وولي الله وشفاعة رسول الله وولي الله عند الله من حقيقة التوحيد لله سبحانه، وأن مسؤول إلاّ هو ولا قادر إلاّ هو، فكلّ ذلك توحيد وعبوديّة لا شرك ولا بدعة.
وقد أخرج الجلال السيوطي في الجزء الثاني من كتابه الخصائص الكبرى في باب اختصاصه صلىاللهعليهوآلهوسلم بجواز أن يقسم على الله به أحاديث يدلّ على ذلك، وأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو علّم ضريراً أن يقول : «اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة، يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي في حاجتي هذه فيقضيها لي، اللّهم شفعّه فيّ» (٣) ففعل الرجل فقام
____________________
(١) منهاج السنّة ٧ : ٢٠١ - ٢٠٦.
(٢) مجموعة الفتاوي ١٧ : ٦٣.
(٣) مسند أحمد ٤ : ١٣٨، سنن الكبرى النسائي ٦ : ١٦٩، المعجم الكبير للطبراني ٩ : ٣١ / ٨٣١١، المعجم الصغير ١ : ١٨٣، كتاب الدعاء : ٣٢٠ / ١٠٥٠ المستدرك للحاكم ١ : ٥١٩، تاريخ الإسلام الذهبي ١ : ٣٦٤، مجمع الزوائد ٢ : ٢٧٩.