التكملة، بها تجلّى صانعها للعقول، وبها امتنع عن نظرالعيون، لا يجري عليه السكون والحركة، وكيف يجري عليه ما هو أجراه، ويعود فيه ما هو أبداه، ويحدث فيه ما هو أحدثه; إذاً لتفاوتت ذاته، ولتجزأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه، ولكان له وراء إذ وجد له أمام، ولا التمس التمام إذ لزمه النقصان، وإذاً لقامت آية المصنوع، [فيه] (١) ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره. الذي لا يحول ولا يزول، ولا يجوز عليه الاُفول، لم يلد فيكون مولوداً، ولم يولد فيصير محدوداً، جلّ عن اتّخاذ الأبناء، وطهر عن ملامسة النساء، لا تناله الأوهام فتقدّره، ولا تتوهّمه الفطن فتصوّره، ولا تدركه الحواس فتحسّه، ولا تلمسه الأيدي فتمسّه، ولا يتغيّر بحال، ولا يتبدّل بأحوال، ولا تبليه الليالي والأيّام، ولا يغيّره الضياء والظلام، ولا يوصف بشيء من الأجزاء، ولا [بالجوارح] (٢) والأعضاء، ولا بعرض من الأعراض، ولا بالغيريّة والأبعاض، ولا يقال : له حدّ ولا نهاية، ولا انقطاع ولا غاية، ولا أن الأشياء تحويه فتقلّه [أو تُهويه] (٣) ، أو أنّ شيئاً يحمله فيميله أو يعدّ له، ليس في الأشياء بوالج ولا عنها بخارج، يخبر لا بلسان ولهوات، ويسمع لا بخروق وأدوات، يقول ولايلفظ، يحفظ ولا يتحفظ، ويريد ولا يضمر، ويحب ويرضى من غير رقّة، ويبغض ويغضب من غير مشقّة، يقول لما أراد كونه : كن، فيكون، لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، سنّة الله في خلقه ولن تجد لسنّة الله تبديلا.
____________________
(١) أضفناه من نهج البلاغة الخطبة : ١٨٦.
(٢) في النسختين : بالأحوال ، وما أثبتناه من نهج البلاغة الخطبة : ١٨٦ .
(٣) أضفناه من نهج البلاغة الخطبة : ١٨٦.