عليّاً لم يكن يعلم المستقبل أنّه ندم على أشياء ممّا فعلها، وكان يقول :
لقـد عجزت عجـزة لا أعتـذر
سـوف أكيس بعدهـا واسـتمر
وأجمع الرأي الشتيت المنتشـر (١)
وكان يقول ليالى صفين : «يا حسن يا حسن ما أظنّ أبوك أن يبلغ الأمر هذا. لله دَرُّ مقام قامه سعد بن مالك وعبد الله بن عمر، إن كان برّاً إنّ أجره لعظيمو إن كان إثماً إنّ خطره ليسير» وهذا رواه المصنّفون (٢) . انتهى.
إن كنت تعتمد على ما رواه المصنّفون فما لك لا تعتمد على ما روته أئمّة الحديث في مجاميعها وصحّحه بأنّ النبيّ أمر أمير المؤمنين كرّم الله وجهه بحرب الجمل وحرب صفّين وحرب الخوارج (٣) ، وأنّه يقاتلهم على تأويل القرآن كما قاتلهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على تنزيله (٤) .
وقد عقد الجلال السيوطي في الخصائص الكبرى في صفحة ١٣٦ من الجزء الثاني المطبوع في حيدر آباد الهند (٥) باباً جمع فيه ما رووه في ذلك، وسيأتي منّا ذكره عند ذكرنا للروايات النبويّة التي كذّبها ابن تيميّة وهي صحيحة مرويّة .
وممّا يدلّ على أنّ أمير المؤمنين عليّاً كان يعلم حال كلّ محارب له
____________________
(١) الفتنة ووقعة الجمل للضبي : ٩٦، تاريخ دمشق ٤٢ : ٤٧٥.
(٢) منهاج السنّة ٨ : ١٤٥.
(٣) تقدمت مصادره في ص ٢٨٠.
(٤) مسند أحمد ٣ : ٣١ و ٣٣، خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ٤٠، المستدرك للحاكم ٣ : ١٢٣، المصنف ابن أبي شيبة ٦ : ٣٧٠ / ٣٢٠٧٣، صحيح ابن حبان ١٥ : ٣٨٥ / ٦٩٣٧، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٥٤ / ٨٥٤٠ - ٨٥٤١.
(٥) وفي الخصائص الكبرى ـ المطبوع في بيروت دار الكتب العلمية ـ ٢ : ٢٠٨.