اعترفت في صفحة ٢١٠ من الجزء الثاني من منهاج السنّة بوجوب طاعته، وبصحّة خلافته، حيث نقلت ورويت الأحاديث الصحاح عن الصحاح المتّفق على صحّتها بوجوب طاعة الوالي، ثمّ قلت بلا فصل : وعليّ رضياللهعنه كان قد بايعه أهل الكوفة بالمدينة ولم يكن في وقته أحقّ منه بالخلافة، وهو خليفة راشد تجب طاعته (١) . انتهى.
فإذا كان عليّ ولي الأمر، والله سبحانه قد أمر بطاعة ولي الأمر، وطاعة ولي الأمر طاعة الله ومعصيته معصية الله، فمن سخط أمره وحكمه فقد سخط أمر الله وحكمه، وابن تيميّة ردّ أمر الله وسخط حكمه وكره ما رضي الله باعتراضه على أمر أمير المؤمنين بمقاتلة معاوية وحزبه وأهل الجمل في البصرة، وخطّأه في ذلك بأقبح الوجوه كما عرفت، لأنّ الله يرضيه طاعته وطاعة ولي الأمر، فمن كره طاعة ولي الأمر فقد كره رضوان الله، والله يسخط لمعصيته، ومعصية ولي الأمر معصيته، فقد أتبع ما أسخط الله وكره رضوانه.
وأيضاً أقول : إنّ ابن تيميّة كفر في منهاج السنّة بما آمن به في رسالة الوصية الكبرى، قال فيها : نؤمن بالإمساك عمّا شجر بينهم ونعلم أنّ بعض المنقول في ذلك كذب وهم كانوا مجتهدين (٢) . إلى آخره.
وصار يشنّع على أمير المؤمنين ويرميه بالعظائم، وقتل النفوس المحترمة، وسفك دماء المسلمين، ويضرب له الأمثال، ويصدق عليه قول كلّ قائل وكلّ مصنّف، ويرمي كلّ ما رووا علماء الإسلام وشيوخ الحديث في مناقبهوفضائله بالوضع والكذب حتّى شكّك في إيمانه وإسلامه،
____________________
(١) منهاج السنّة ٤ : ٤١٣.
(٢) مجموعة الفتاوى ٣ : ٢٥٠.