لاستثقلهم، وكره دخولهم عليه وكان ذلك نجاة لهم عند ربهم.
وقال أبو ذرّ لسلمة : يا سلمة لا تغش أبواب السلاطين، فإنّك لا تصيب من دنياهم شيئاً إلاّ أصابوا من دينك أفضل منه (١) .
وهذه فتنة عظيمة للعلماء، وذريعة صعبة للشيطان عليهم، لا سيما من له لهجة مقبولة وكلام حلو، إذ لا يزال الشيطان يلقي إليه : إن في وعظك لهم ودخولك عليهم ما يزجرهم عن الظلم ويقيم شعار الشرع، إلى أن يخيّل إليه إنّ الدخول عليهم من الدين، ثمّ إذا دخل لم يلبث أن يتلطّف في الكلام ويداهن ويخوض في الثناء والإطراء وفيه هلاك الدين.
إلى أن قال : ولم يزل السلف العلماء مثل : الحسن، والثوري، وابن المبارك، والفضيل، وإبراهيم بن أدهم، ويوسف بن أسباط يتكّلمون في علماء الدنيا من أهل مكّة والشام إمّا لميلهم إلى الدنيا أو لمخالطتهم السلاطين، انتهى كلام الغزالي ملخّصاً (٢) .
فإذا كان حال الزهري وأمثاله هذا من المخالطين للسلاطين هذا، وفي الحديث من المدلِّسين فيه كما نصّ عليه الذهبي في الميزان (٣) ، ولم يقبل مراسيله الإمام الشافعي وقال : وإرسال الزهري ليس بشيء وذلك إنّا وجدناه يروي عن سليمان بن أرقم (٤) . حكى ذلك إمام الصناعة ومقدم الجماعة البخاري محمّد بن إسماعيل، قال : أهدر الإمام المطلبي مرسلات الزهري
____________________
(١) انظر المصنّف لابن أبي شيبة ٧ : ٥٢٨ / ٣٧٧٢١، وبدائع السلك لابن الأزرق الاُندلسي : ١١٠.
(٢) إحياء علوم الدين ١ : ٦٨ - ٦٩.
(٣) ميزان الاعتدال ٤ : ٤٠ / ٨١٧١.
(٤) أبو معاذ البصري، مولى الأنصار أو قريش متروك ليس بثقة انظر التاريخ الكبير للبخاري ٤ : ٢١ / ٤٦٥٠، الكفاية للخطيب البغدادي : ٤٢٥، وتاريخ دمشق ٥٥ : ٣٦٨.