سبّهم (١) ، للتحذير وبيان حالهم، أفضل من سبّ الكافرين، لأنّ الضرر يخشى منهم أكثر، والعامـة إلى الاغترار بهم أقرب، فينبغي إعلان حالهـم لتحذير الاُمّة من الاقتداء بهم، والميل إلى أكاذيبهم وتأويلاتهم، كما ستعرف ذلك في مقاصد هذا الكتاب.
فالمقصد الأوّل في المشهود به عليه من الكفر والضلال في كلّ عصر وزمان، وإن تلك الكبائر (٢) قد سمعها منه الثقات، ونقلوها عنه في المصنّفات والتراجم والطبقات، حتى صارت بيّنات وشهادات متواردات، لا يبقى لسامعها ريب في ضلاله وكفره، وليس لأحد أن يقول في الشهود : إنّهم إن شهدوا لي كانوا عدولاً، وإن شهدوا عليَّ كانوا فسّاقاً، وإن شهدوا بمدح من أحببته كانوا عدولاً، وإن شهدوا بذمّ من أحبه كانوا فسّاقاً، كما تقوله أتباع ابن تيمية المعاندين الذين لا يؤمنون للمؤمنين، ويتعصّبون للحشويّة المعاندين، ويظنون بعلماء السنّة المتفق على إمامتهم وثقتهم أنّ شهادتهم على ابن تيمية للحسد والهوى، وحاشا علماء الإسلام أنّهم لا ينطقون إلاّ عن تثبّت وتحقيقومزيد احتياط وتحرٍّ، سيما إن نسبوا إلى مسلم ما يقتضي كفره وردّته وضلاله وإهدار دمه.
وتكفير المسلم كفر كما قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا قال الرجل لأخيه : ياكافر فقد باء بها أحدهما» (٣) .
ومع ذلك شهدوا على ابن تيمية بالكفر البراح الصريح، فليس إلاّ
____________________
(١) ورد مؤدّاه في اُصول الكافي ٢ : ٣٧٥ / ٤، الأذكار النووية : ٣٠٧ باب التبرّي من أهل البدعوالمعاصي ، الجامع الصغير ١ : ٥١٥ / ٣٣٥١.
(٢) في النسخة الثانية : الكتابة
(٣) مسند أحمد ٢ : ٤٧، البخاري ٨ : ٣٥٣ باب ٥٩٥ / ٩٨١، الكافي ٢ : ٣٦١ / ٨.