محرّكاً شفتيه كأنّه يناجي ربّه، فدخل أبوه فقال لي : «هنيئاً لك كرامة ربّك عزّوجلّ» فناولته إيّاه، فأذّن في اُذنه اليمنى وأقام في اُذنه اليسرى، فحنّكه بماء الفرات.
ثمّ قال المحدّث البخاري : وعن موسى الكاظم أنّه قال : «رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين عليّ رضياللهعنه معه، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا موسى ابنك ينظر بنور الله عزّوجلّ، وينطق بالحكمة، يصيب ولا يخطئ، يعلم ولا يجهل، قدمُلِئ وحكماً» (١) .
وقد نقل ذلك حافظ عصره عبد الحقّ الدهلوي في رسالة أحوال الأئمّة الأطهار، والمولوي مبين الكهنوي في وسيلة النجاة، والمولوي ولي الله اللكهنوي في مرآة المؤمنين، ورشيد الدين في الإيضاح، والجامي في شواهد النبوّة (٢) .
ثمّ حكى في فصل الخطاب : إنّه عرض المأمون عليه الخلافة فأبى، قال : وجرت في ذلك مخاطبات كثيرة، وألحّ عليه المأمون مرّة بعد أُخرى، وفي كلّها يأبى، وقال : «بالعبوديّة لله أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو الرفعة عند الله تعالى» وكلّما ألحّ عليه يقول : «اللهمّ لا عهد إلاّ عهدك، ولا ولاية إلاّمن قبلك، فوفقني لإقامة دينك وإحياء سنّة نبيّك، فإنّك نعم المولى ونعم النصير»...
فقال المأمون : إن لم تقبل الخلافة فكن وليّ عهدي، فأبى أيضاً
____________________
(١) فصل الخطاب (مخطوط) الورقة : ١٩٩، وعنه في ينابيع المودّة ٣ : ١٦٦، وانظر اُصول الكافي ١ : ٢١ / ٩، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٣٢، الإمامة والتبصرة : ٢١٥ / ٦٨، ملحقات إحقاق الحقّ ١٢ : ٣٥١.
(٢) شواهد النبوة : ٢٥٨، وانظر إحقاق الحقّ ١٢ : ٣٥١ - ٣٥٢.