وقال : «لقد حدّثني أبي، عن آبائه، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّي أخرج من الدنيا قبلك مظلوماً تبكي عليَّ ملائكة السماء والأرض، وأُدفن في أرض الغربة»...
ثمّ ألحّ المأمون إلحاحاً كثيراً فقبل ولاية العهد وهو باك حزين، على شرط أن لا ينصب أحداً معزولا ولا يعزل أحداً منصوباً، فرضى المأمون ذلك الشرط، وجعله ولي عهده، قال : ونظر المأمون إلى أولاد العبّاس وهم ثلاثة وثلاثين ألفاً من كبير وصغير، ونظر إلى أولاد عليّ رضياللهعنه فلم يجد أحداً أحقّ بالخلافة من عليّ الرضا رضياللهعنه(١) .
أقول : ولهذا كتب في العهد بيده : ولم أزل منذ افضت إلى الخلافة أنظر فيمن اُقلّده أمرها، واجتهد فيم اُوليه عهدها، فلم أجد من يصلح لها إلاّ أباالحسن علي بن موسى الرضا، لمّا رأيت من فضله البارع، وعلمه النافع، وورعه الباطن والظاهر، وتخليته عن الدنيا وأهلها، وميله إلى الآخرة وإيثاره لها، وقد تحقّق عندي وتيقّنت فيه ما الأخبار عليه متواطئة والألسن متّفقة، فعقدت له العهد واثقاً بخيرة الله في ذلك، نظراً للمسلمين، وإيثاراً لإقامة شعائر الدين، وطلب النجاة يوم يقوم الناس لربّ العالمين، وكتب عبد الله بخطّه لسبع خلون من شهر رمضان ٢٠١، وقد بايع أهل بيتي وخاصّتي وولدي وأهلي وجندي وعبيدي، اللهمّ صلِّ على سيدنا محمّد وآله، والسلام (٢) .
أقول : فإذا كان رسـول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لموسى بن جعفر في المنـام :
____________________
(١) فصل الخطاب (مخطوط) الورقة : ١٩٩، وانظر عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٣٨ / ٣، وينابيع المودّة ٣ : ١٦٧.
(٢) تذكرة الخواص : ٣١٧.