بحقّ آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلاّ ما أريتنا وجهك الميمون ورويت لنا حديثاً عن آبائك عن جدك نذكرك به، فاستوقف غلمانه، وأمر بكشف المظلّة، وأقرّ عيون الخلائق برؤيته وطلعته، وإذا له ذؤابتان معلّقتان على عاتقه ، والناس قيام على طبقاتهم ينظرون ما بين باك وصارخ ومتمرّغ في التراب ومقبل حافر بغلته، وعَلا الضجيج، فصاحت الأئمّة الأعلام : معاشرالناس انصتوا واسمعوا ما ينفعكم، ولا تؤذونا بصراخكم، وكان المستملي أبا زرعة ومحمّد بن أسلم الطوسي، فقال عليّ الرضارضياللهعنه: «حدّثني أبي موسى الكاظم، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه محمّد الباقر، عن أبيه عليّ زين العابدين ، عن أبيه شهيد كربلاء، عن أبيه عليّ المرتضى قال : حدّثني حبيبي وقرّة عيني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : حدّثني جبرائيل عليهالسلام قال : حدّثني ربّ العزّة سبحانه وتعالى، قال : كلمة لا إله إلاّ الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي»، ثمّ أرخى الستر على المظلّة وسار، قال : فعدّ أهل المحابر وأهل الدواوين الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألف (١) .
قال أحمدرضياللهعنه: لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق من جنونه (٢) .
أقول : ومع ذلك لم يفق ابن تيميّة من جنونه، نعوذ بالله من سوء العقيدة وملكة الكذب، ألا تراه كيف أنكر أن يكون رووا له حديثاً واحداً في السنن مع أنّه يرى أن ابن ماجة (٣) روى له وغيره في مجاميعهم
____________________
(١) حكاه عنه في كشف الغمّة ٢ : ٣٠٨، والصواعق المحرقة ٢ : ٥٩٤. وفيض القدير للمناوي ٤ : ٤٨٩، أخبار الدول للقرماني ١ : ٣٤٤.
(٢) عنه في نزهة المجالس للصفوري ١ : ٢٥، والصواعق المحرقة ٢ : ٥٩٥، أمالي المفيد : ٢٧٥ / ٢، وانظر حلية الأولياء ٣ : ١٩٢.
(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٢٥ / ٦٥.