وغيرهم (١) ، ما يشهد بصحّتها ووقوعها، قالوا جميعاً واللفظ لابن حجر : وعزم المأمون على تزويجه بابنته اُم الفضل وصمّم على ذلك، فمنعه العبّاسيون من ذلك خوفاً من أنّه يعهد إليه كما عهد إلى أبيه، فلمّا ذكرهم أنّه إنّما اختاره لتميزه على كافة أهل الفضل علماً ومعرفةً وحلماً مع صغر سنّه، فنازعوا في اتّصاف محمّد بذلك، ثمّ تواعدوا على أن يرسلوا إليه من يختبره، فأرسلوا إليه يحيى بن أكثم ووعدوه بشيء كثير إن قطع لهم محمّداً، فحضروا للخليفة ومعهم ابن أكثم وخواص الدولة، فأمر المأمون بفرش حسن لمحمّد فجلس عليه، فسأله يحيى مسائل أجابه عنها بأحسن جواب وأوضحه، فقال له الخليفة : أحسنت يا أبا جعفر، فإن أردت أن تسأل يحيى ولو مسألة واحدة، فقال له : «ما تقول في رجل نظر إلى امرأة أوّل النهار حراماً، ثمّ حلّت له ارتفاعه، ثم حرمت عليه عند الظهر، ثمّ حلّت له عند العصر، ثمّ حرمت عليه عند المغرب، ثمّ حلّت له العشاء، ثمّ حرمت عليه نصف الليل، ثمّ حلت له الفجر؟» فقال يحيى : لا أدري. فقال محمّد : «هي أمة نظرها أجنبي بشهوة وهي حرام، ثمّ اشتراها ارتفاع النهار، فأعتقها الظهر، وتزوّجها العصر، وظاهرها منها المغرب، وكفّر العشاء، وطلّقها رجعيّاً نصف الليل، وراجعها الفجر»..
فعند ذلك قال المأمون للعبّاسيين : قد عرفتم ما كنتم تنكرون، ثمّ زوّجه في ذلك المجلس بنته اُم الفضل (٢) .
أقول : قد اختصرها الحافظ ابن حجر، وما ذكره غيره ممّن ذكرناه
____________________
(١) الفصول المهمّة : ٢٦٧ ـ ٢٧٠، الإتحاف بحبّ الأشراف : ١٧١ - ١٧٤، نور الأبصار : ١٧٧ - ١٧٨ ، ينابيع المودّة ٣ : ١٢٤ ـ ١٢٧، ملحقات إحقاق الحقّ ١٩ : ٥٨٦.
(٢) الصواعق المحرقة ٢ : ٥٩٧ - ٥٩٨.