والحجج الواضحة، والبراهين الجليّة واحدة تلو اُخرى، كي لا تضلّ الاُمّة أو تنحرف عن مسارها القويم الذي رسمه لها الله وحبيبه المصطفى محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم .
فكانت المناشدات والمناظرات قائمة بين الأقدمين من الصحابة والتابعين على قدم وساق، بين أبي بكر وعمر وأتباعهما من جهة، وبين الإمام علي عليهالسلام وأتباعه من جهة أُخرى، ثمّ أعقبت تلك المناشدات حروباً دمويّة بين الصحابة ، قتل فيها الكثير من الموالين لعلي عليهالسلام وخصومهم، ثمّ بعد عام السنة والجماعة اشتدّت الوطأة على أتباع الإمام علي عليهالسلام ، فقطعوا عطاء من ثبت ولاءه لعليّ عليهالسلام وهدم بيته، وجاءت بعدها حرب الأسماء، فكانوا يقتلون كلّ من سمّي بعليّ أو اسم أحد من ولده، وهدم داره، وقطع عطائه.
واستمرّت هذه الحروب والمنازعات ـبأنواعها بشدّة حتّى جاء العصر السلجوقي، حيث تعرّضت المراقد المقدّسة في العراق إلى النهب والسلب والتخريب لمرّات عديدة، واُحرقت الآلاف من الكتب، واُلقي الكثير منها في نهر دجلة ، وقتل وسبي الكثير من أتباع أهل البيتعليهمالسلام.
ولم يكتف المتطرفون بهذا القدر، بل راحوا يروّجون بين الحين والآخرإلى إثارة الفتن والشبهات، من خلال نشر الكتب التي تحمل في طيّاتهاالسموم لغرض زرع الشكوك في نفوس أبناء الاُمّة، ثمّ تحريفهم عن دينهم القويم.
ففي النصف الأوّل من القرن الثالث كتب الجاحظ كتابه العثمانية هاجم فيه الشيعة، منكراً فيه الضروريات، وجاحداً فيه البديهيّات، وقد ردّه قوم من نحلته ومذهبه، وكان هدف الجاحظ إماتة الحقّ، حتّى وصفه