فإن قال : فلِمَ جعل أصل الصلاة (ركعتين ركعتين) (١) ، ولِمَ زِيد على بعضها ركعة وعلى بعضها ركعتين ، ولم يزد على بعضها شيء ؟
قيل : لأنّ أصل الصلاة إنّما هي ركعة واحدة ؛ لأنّ أصل العدد واحد ، فإذانقصت من واحد فليست هي صلاة ، فعلم الله عزوجل أنّ العباد لايؤدّون تلك الركعة الواحدة التي لا صلاة أقلّ منها بكمالها وتمامها والإقبال (٢) عليها ، فقرن إليها ركعة أُخرى ؛ ليتمّ بالثانية ما نقص من الاُولى ، ففرض الله أصل الصلاة ركعتين ، ثمّ علم رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّ العباد لا يؤدّون هاتين الركعتين بتمام ما اُمروا به وبكمالها ، فضمّ إلى الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين ؛ ليكون فيها تمام الركعتين الاُوليين.
ثمّ علم أنّ صلاة المغرب يكون شغل الناس في وقتها أكثر للانصراف إلى الإفطار والأكل والوضوء والتهيئة للمبيت فزاد فيها ركعة واحدة ؛ ليكون أخفّ عليهم ، ولأن تصير ركعات الصلاة في اليوم والليلة فرداً ، ثمّ ترك الغداة على حالها ؛ لأنّ الاشتغال (٣) في وقتها أكثر ، والمبادرة إلى الحوائج فيهاأعمّ ، ولأنّ القلوب فيها أخلى من الفكر ؛ لقلّة معاملات الناس بالليل ، وقلّة الأخذ والإعطاء ، فالإنسان فيها أقبل على صلاته منه في غيرها (٤) من الصلوات ؛ لأنّ الفكرة أقلّ لعدم (من يقدّم) (٥) العمل من الليل.
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في «ع ، ح» : ركعتين ، وفي «ن» : ركعتان ركعتان ، وكذلك في حاشية «ش» عن نسخة.
(٢) في النسخ : ولا إقبال ، وفي هامش «ح» عن نسخة كما في المتن.
(٣) في «ج ، ل» زيادة : بالصلاة.
(٤) في النسخ : غيره ، وفي هامش «ح ، ل ، ش» عن نسخة كما في المتن.
(٥) ما بين القوسين أثبتناه من «ل».