قيل له : لا يجوز ذلك ؛ لأنّه حكيم غير عابث ولا جاهل (١) .
فإن قال قائل : فأخبرني لِمَ كلّف الخلق ؟
قيل : لعلل.
فإن قال : فأخبرني عن تلك العلل معروفة موجودة هي أم غير معروفة ولا موجودة ؟
قيل : بل هي معروفة موجودة عند أهلها.
فإن قال قائل : أتعرفونها أنتم أم لا تعرفونها ؟
قيل لهم : منها ما نعرفه ، ومنها ما لا نعرفه.
فإن قال قائل : فما أوّل الفرائض ؟
قيل : الإقرار بالله ، وبرسوله ، وحجّته ، وبما جاء من عند الله.
فإن قال قائل : لِمَ أمر الخلق بالإقرار بالله وبرسوله وحجّته وبما جاء من عند الله ؟
قيل : لعلل كثيرة.
منها : أنّ مَنْ لم يقرّ بالله لم يتجنّب معاصيه ، ولم ينته عن ارتكاب الكبائر ، ولم يراقب أحداً فيما يشتهي ويستلذّ من الفساد والظلم ، وإذا فعل الناس هذه الأشياء وارتكب كلّ إنسان ما يشتهي ويهواه من غير مراقبة لأحد كان في ذلك فساد الخلق أجمعين ، ووثوب بعضهم على بعض فغصبوا الفروج والأموال ، وأباحوا الدماء والسبي ، وقتل بعضهم بعضاً من غير حقٍّ ولاجرم ، فيكون في ذلك خراب الدنيا وهلاك الخلق ، وفساد الحرث والنسل (٢) .
__________________
(١) في «ح ، ع» وحاشية «ش» عن نسخة : له.
(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : الفرق بين الوجه الأوّل والثاني ، أنّ في الأوّل المفسدة